تسويق المنتوج الكروي

أنس الحسيسن 

كانت الندوة الصحافية، التي عقدها مدرب المغرب التطواني عبد اللطيف جريندو عقب المباراة، التي جمعت الفريق التطواني بنظيره الجيش الملكي مناسبة له في إبراز أهمية المباراة، التي كانت دافعا للاعبين في العمل على تسويق منتوجهم، وهو يعني بذلك المنتوج الكروي، ففي مثل هذه المباراة تكون الفرصة سانحة للاعبين في أن يقدموا أفضل العروض، خصوصا وأن عملية التسويق هاته أصبحت ترافقها مختلف وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، التي لا يخفى دورها في تسويق المنتوج الكروي ، وإلى هنا فإن الأمر يبدو عاديا، لكن وجه الخلاف يكمن في أننا نبحث عن تسويق منتوج طيلة الموسم الرياضي، وليس مناسباتيا، فإذا كان هذا التسويق سينحصر في بعض المباريات من البطولة، أمام فرق كبرى، فإن الأداء في باقي المباريات سيكون مهزوزا، ومن ثم سنرى منتوجا هزيلا، وفي ذات الوقت تهدر فيه نقط يكون فيها الفريق في حاجة ماسة إليها، كما أن ضعف المنتوج قد يخلف إقصاء في مباراة إقصائية كما حدث في مباراة كأس العرش، حين ضيع صاحب الأرض فرصة سانحة له في التأهل إلى المربع الذهبي بعد خسارته أمام المغرب الفاسي، وهو ما حرم ميزانية الفريق من منحة مالية تصل إلى مائة مليون سنتم، تمنحها الجامعة إلى الفرق المؤهلة إلى محطة نصف النهاية من كأس العرش، إضافة إلى منحة أخرى كان الفريق سيستفيد منها، حددت في خمسين مليون سنتم.

تسويق المنتوج الكروي لا يرتبط فقط بأداء اللاعبين على أرضية الملعب، فهذا التسويق يخص أيضا المدربين، واختياراتهم التقنية والتكتيكية، التي كلما ربحوا رهانها إلا وارتفعت أسهمهم المالية وهم ينتقلون من فريق إلى آخر يبحث عن مدرب يسوق منتوج هذا الفريق، ويدون اسمه في السجل الذهبي، الذي لا ينتهي إلا بالحصول على اللقب أو الكأس.

وعلى ذكر هذا التسويق ، فقد لا تكون صورته على هذا الشكل في حال إذا ما كانت هناك تصرفات لا تمت بأية صلة للاعب يصنف محترفا فما بالك أن يكون دوليا، كما حدث مؤخرا في مباراة المغرب وزامبيا حين لم يتقبل النصيري وزياش قرار المدرب تغييرهما، خاصة وأن الثاني كانت له سابقة مع مدربين سابقين للمنتخب الوطني.

ومثل هذه التصرفات في واقع الأمر تبقى مرفوضة كيفما كان شأن أي لاعب، ما دام هناك مدرب يتحمل مسؤولية تدبير المباراة، فأي مدرب له رأيه وحساباته، وتصوراته، خصوصا وأن حالة مدرب المنتخب الوطني وليد الركراكي وبعد صورة المنتخب الوطني المشرقة بقطر، تحتم عليه الحفاظ على تلك الصورة في ضوء توفر المنتخب الوطني على ترسانة بشرية تلعب في أرقى البطولات العالمية، وتصعد منصات التتويج…

ويبدو أن حادثة مباراة المغرب وزامبيا قد طويت، ومن أنها كانت عرضية، وهذا ما ظهر من خلال مباراة المغرب والكونغو برازافيل، فما يرجى هو أن لا يعاد نفس المشهد.

لا أود أن أختم الكلام عن تسويق المنتوج الكروي، والحديث ذو شجون من دون الإشارة إلى أهمية التسويق، الذي يمتد إلى مجالات أخرى، من قبيل المنتوج السياحي والثقافي والصناعي والفلاحي، وغيرها من القطاعات، التي لها تأثيرات مباشرة وعميقة على تطور الاقتصاد، الذي أصبح يدخل في بابه الاقتصاد الرياضي، خاصة الكروي منه ما دامت الكرة أصبحت صناعة، تدر على الفاعلين فيها أموالا كبيرة، وقد تنعش قطاعات أخرى من خلال الاستثمارات، التي تخصصها الدول، التي تستقبل أكبر التظاهرات العالمية، فغير خفي أن هذه الاستثمارات، تسرع من وتيرة التنمية، وتقلص المدة الزمنية في تسلق المؤشرات التنموية، التي تعود بالنفع على المجتمع من دون أن نغفل استثمارات أثرياء اللاعبين في بلدانهم الأصلية، ودورهم في إنعاش جملة من القطاعات.

 

 

 

Loading...