بعد سلسلة من التحضيرات واللقاءات الثنائية، شهدت العلاقات بين المملكة المغربية وجمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية تطورًا ملحوظًا، خاصة في المجال العسكري.

هذا التقارب يأتي في سياق تاريخي حساس، حيث تُعد إثيوبيا واحدة من الدول التي اعترفت بجبهة البوليساريو في السبعينيات، لكنها بدأت مؤخراً في مراجعة مواقفها الخارجية.

التعاون العسكري الذي تبلور خلال زيارة رئيس الأركان العامة لقوات الدفاع الإثيوبية، الماريشال برهانو جولا، إلى الرباط نهاية أغسطس الجاري، يعكس تحوّلًا استراتيجيًا قد يساهم في إعادة تشكيل مواقف إثيوبيا إزاء ملف الصحراء المغربية.

وقد ناقش الطرفان، خلال لقاء جمع الماريشال جولا بالوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع المغربي، عبد اللطيف لوديي، سبل تعزيز التعاون العسكري والدفاعي، إضافة إلى فتح مجالات جديدة للتعاون المشترك، ما يعزز مناعة الأمن القومي للبلدين في مواجهة التحديات المشتركة.

تأتي هذه الخطوة بعد زيارة وصفت بالتاريخية قام بها الملك محمد السادس إلى إثيوبيا عام 2016، حيث تم توقيع 13 اتفاقية تعاون بين البلدين.

ومنذ ذلك الحين، شهدت المواقف الرسمية الإثيوبية توازناً ملحوظاً فيما يتعلق بالنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، وهو ما يتماشى مع التوجهات المغربية الرامية إلى فتح آفاق جديدة للتعاون مع دول إفريقيا الشرقية والوسطى.

ورغم اعتراف إثيوبيا بجبهة البوليساريو في 1979، فإن الدعم الذي كانت تقدمه لها قد تراجع خلال العقد الأخير، بالتزامن مع دخول الدبلوماسية المغربية إلى عمق القارة الإفريقية.

وفي هذا الإطار، يُعد التقارب العسكري والأمني الجديد بين الرباط وأديس أبابا خطوة إيجابية من شأنها تقريب وجهات النظر بين البلدين في ملف الصحراء.

التطورات الأخيرة قد تشكل مصدر إزعاج للجهات المعادية لمصالح المملكة المغربية، لكنها أيضاً تحمل في طياتها فرصاً لتعزيز التعاون السياسي والدبلوماسي بين المغرب وإثيوبيا، خاصة وأن القوات المغربية تشارك في عدة بعثات أممية لحفظ السلام، ما يعزز من موقعها كشريك موثوق في تعزيز الاستقرار بالقارة الإفريقية.

هذا التقارب العسكري بين المغرب وإثيوبيا قد يكون نقطة تحول مهمة قد تؤدي إلى تغيير موقف أديس أبابا إزاء قضية الصحراء، وربما تمهيد الطريق لسحب اعترافها بجبهة البوليساريو، كما فعلت العديد من الدول الإفريقية الأخرى في الآونة الأخيرة.