التشجيع الرياضي

أنس الحسيسن

شكل موضوع التشجيع الرياضي محورا في الأيام الأخيرة على طاولة النقاشات، حيث طرح في عدد من مراكز الجهات بالمغرب وهو موضوع يأتي في سياق استعدادات المغرب لاحتضان تظاهرات قارية ودولية، وستدفع بان يكون المغرب قبلة لعدد كبير من الزائرين.

وإذا كانت الندوات التي نظمت بهذا الخصوص قد تناولت هذا الموضوع من عدة جوانب بالنظر إلى وجود مشاركين ينتمون إلى الجانب التنظيمي، أو باحثين في المجال، أو إعلاميين. .

والحقيقة أن في هذا الاختيار إشارات إلى ضرورة تحسين نوعية التشجيع الرياضي الذي تعرفه الملاعب الوطنية وان كان هناك تباين بين ما نشاهده من لوحات تشجيعية في مباريات المنتخب الوطني وفي مباريات البطولة الوطنية وفي مختلف أقسامها.

إن تحسين التشجيع الرياضي يمليه الواقع، وإن كان حاضرا في المدرجات منذ زمان وبأشكال أخرى، غير أنه دخلت عليه أنماط أخرى بعد سنة 2005، حيث تعرف بعض المباريات أحداثا لا تمت للرياضة بأية صلة خاصة حين يتحول محيط الملاعب إلى ميادين لتبادل أنواع شتى من العنف، الذي قد يخلف أضرارا جسدية وأخرى تمس الممتلكات العامة والخاصة. ولعل آخر ما حدث وبعد افتتاح مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، أظهر أن الحديث عن العنف الرياضي ما زال يطل من حين لآخر على الساحة الرياضية، و هو ما عرفته مباراة الرجاء البيضاوي وحسنيه أكادير، والوداد البيضاوي والجيش الملكي من صور لا رياضية، وقد تخلف هذه المظاهر المشينة تسجيل اعتقالات واسعة في صفوف مرتكبي الشغب الرياضي حيث نجد من بينهم نسبة مهمة من القاصرين الذين ما كانوا ليوجدوا بمحيط الملعب لو لم ترفع بعض الأسر يدها في مراقبة أولادها، وقد نجد قاصرين ينتقلون إلى مدن غير مدنهم الأصلية وفي وسط الأسبوع بهدف الدخول إلى مباريات الكرة مما يعني إن شريحة من هؤلاء هم نتيجة الهذر المدرسي.

وعلى ذكر دور الأسر في التنشئة الاجتماعية، فإن التعديلات، التي ستدخل على القانون، ستشمل المساءلة المدنية في حق القاصرين والشباب لآبائهم وأوليائهم، والحاملين بالخصوص للأسلحة البيضاء، أو غيرها من الأشياء، التي سيتشدد معا القانون.

وأمام تفشي حالات العنف ، التي قد تترافق بالتخريب والسرقة فقد أصبحت المتابعات القانونية لهذا النموذج من “المشجعين” محل متابعة قانونية استنادا على الفصل 507 من القانون الجنائي وقد عمل المشرع على تشديد العقوبة حسب الجريمة اذ تتراوح بين خمس سنوات سجنا وقد تصل غلى المؤبد في وحال وجود ظروف التشديد دون إغفال العقوبات المالية التي تتناسب مع الأضرار التي طالت الممتلكات العامة والخاصة، كما يمثل استعمال السلاح ظرفا مهما من ظروف التشديد سواء كان ظاهرا او خفيا على العموم.

وعلى الرغم من أن الفصل 507 جاء مشددا فانه يظل غير كاف لإيقاف هذا النزيف ويحتاج إلى آليات لتطبيقه سواء على المستوى البنيوي او القانوني أو القضائي من دون أن ننسى مكانة التوعية والتربية على الثقافة السليمة لان اغلب المتسببين في الشغب شباب وقاصرون هم في حاجة الى تأطير افتقدوه لأسباب جذورها اجتماعية.

إن في تنظيم مثل هذه الندوات إغناء في تجويد وتطوير وسائل التشجيع الرياضي، التي تحتاجه مباريات البطولة الوطنية، لا سيما خارج أسوار مستطيل الكرة، وكذا في الاطلاع على بعض الدراسات الأكاديمية التي أصبحت تعزز الخزانة الرياضية من شأنه أن يساهم في حصر العنف الرياضي، لاسيما وان هناك من يجمع بين التكوين الأكاديمي والحضور المباشر لمباريات الكرة مما يعني الجمع ما هو نظري وتطبيقي، وهذا ما قد يغيب في بعض الملتقيات التي تعالج فيها مثل هذه المواضيع، كما أن في إصدار مجموعة من التوصيات التي تختتم بها مختلف الندوات، أو اللقاءات أهمية كبيرة ستكون لها انعكاسات ايجابية إذا ما تم تفعيلها، ولم تبقى حبيسة الأوراق، وقد تعود مضامينها بالنفع، خاصة، وهي تصدر من رجال الاختصاص.

 

 

 

Loading...