تنظم دار الشعر بتطوان حفل تقديم وتوقيع كتاب “في بلاغة الحجاج” للبلاغي المغربي الدكتور محمد مشبال، وذلك يوم الجمعة 8 يونيو الجاري، موافق 21 رمضان، بفضاء المكتبة العامة والمحفوظات بتطوان، في الساعة العاشرة ليلا.
ويقدم الكتاب الأكاديمي والسيميائي المغربي الدكتور نزار التجديتي، بحضور مؤلف الكتاب الذي فاز بجائزة الشيخ زايد للكتاب لهذه السنة، في صنف الفنون والدراسات الأدبية.
في هذا الكتاب، يقترح علينا المؤلف مقاربة بلاغية حجاجية لتحليل الخطابات وتأثيرها في المتلقي، ضمن مشروع محمد مشبال المتعلق ببلاغة الحجاج، التي تُعنى بدراسة الوظيفة التواصلية الإقناعية للخطابات، في مقابل البلاغة الأدبية التي تهتم بالوظيفة الجمالية التي تقوم عليها الخطابات التخييلية، وهي تقتصر على بلاغة العبارات والصور، بدلا من بلاغة الخطاب. من هنا، تنفتح بلاغة الحجاج على مختلف الخطابات السياسية والمواعظ الدينية والمرافعات القضائية والخطابات الإشهارية، وغيرها، مع إمكانية مقاربة مختلف الأنواع الأدبية، بينما تنصرف البلاغة الأدبية إلى دراسة جماليات العبارة والأسلوب في النصوص الأدبية التخييلية بشكل خاص. وبهذا يكون مشبال قد فتح الدرس البلاغي على آفاق رحبة، وحلق به بعيدا عن الحدود الضيقة للبلاغة الأدبية كما أعادت رسمها النظرية الأسلوبية والنظرية الشعرية سواء بسواء. ليخلص الباحث إلى صياغة مشروع بلاغة لا تقتصر على النصوص الأدبية التخييلية التي درجنا على تصنيفها ضمن قائمة الخطابات الرفيعة، وإنما هي بلاغة جديدة تنفتح على شتى صنوف الخطاب. بلاغة من شأنها أن تسعفنا في قراءة نصوص منسية من تراثنا الخطابي ظلت مقصية من حقها في القراءة والتحليل، والنقد والتأويل، مثلما تمكننا هذه البلاغة من قراءة وتحليل الخطابات اليومية التي تطالعنا في حياتنا المعاصرة، كل ذلك من خلال مفهومات ومبادئ دقيقة واستراتيجيات تحليلية متماسكة.
إنها بلاغة تواصلية ترتبط ارتباطا وثيقا بفضاء التواصل والتفاوض والحوار المبني على القيم والمعتقدات المشتركة. ثم ما تلبث أن تصير البلاغة نفسها فضاء لتداول تلك القيم الإنسانية المشتركة، ومجالا للدفاع عن قيم الحرية والعدالة والجمال، والترافع من أجل إقرار هذه القيم وإعمالها.
ويستند مشبال في تأصيل أطروحته حول الحجاج إلى التراث الأرسطي، منذ كتاب أرسطو التأسيسي حول “فن الخطابة”، وصولا إلى أسس اللاغة الجديدة كما أرسى دعائمها ومرتكزاتها البلاغي البلجيكي شايم بيرلمان، ومعه لوسي أولبرخت تيتيكا وتولمين وجيل ديكلرك وميكاييل ليف وروث أموسي وأوليفي ريبول ومارك بونوم وواين بوث… وسواهم من أقطاب البلاغة الجديدة، مثلما أفاد مشبال من التداوليات ولسانيات النص ولسانيات تحليل الخطاب ونظريات التلقي والتأويل… بمقدار ما حرص على تقريب درس البلاغة من النقد، بأن أصبحت البلاغة قادرة على نقد وتحليل النصوص والخطابات تحليلا بلاغيا. حتى ارتقت هذه البلاغة الجديدة إلى أن تصير منهجا في تحليل الحجاج في الخطاب، مثلما يذهب المؤلف.
ضمن برنامج “توقيعات”، تقيم دار الشعر بتطوان حفلا خاصا لتقديم وتوقيع كتاب “في بلاغة الحجاج” لمحمد مشبال، احتفالا بتتوجيه بجائزة الشيخ زايد للكتاب، واحتفاء بمشروعه البلاغي المتميز، وإسهامه المشهود في النهوض بدرس البلاغة في الجامعة المغربية، وفي ثقافتنا العربية المعاصرة