حصدت قضية حياة، “شهيدة الهجرة السرية”، تفاعلا واسعا على المواقع الإخبارية العالمية؛ بعدما أسلمت هذه الأخيرة روحها لبارئها، بسبب إطلاق البحرية المغربية النّارَ على زورق إسباني كان يُقِلُّها ومجموعةً من المهاجرين المغاربة.
موقع “أورو نيوز” تحدث عن دفن الشابة المغربية بعدما قُتلت برصاص البحرية المغربية، “التي وجهت أسلحتها إلى القارب الذي كان يحمل 25 مُهاجرا مغربيا، وقائدين إسبانيين”.
وأضاف الموقع الإخباري الأوروبي أن وزارة الخارجية الإسبانية أكّدت اعتقال السلطات المغربية مواطنَين إسبانيين لأحدهما سوابق إجرامية، كما ذكّر بكون الطريق المائية الرابطة بين المغرب وإسبانيا تستعمَلُ بكثافة من طرف المهاجرين؛ فمنذ بداية السنة الجارية 2018 توفي 300 شخص في البحر حسب أرقام وكالة الأمم المتحدة للّاجئين التي استشهدت بها “أورو نيوز”.
موقع القناة الإخبارية الأمريكية “Abc News” بنى منشورا له حول الحادثة انطلاقا مما نشرته وكالة “آسوشيتد بريس”؛ وذكر فيه أن وفاة “المرأة المغربية” كان نتيجة لرصاص “بحرية المملكة”.
وذكر الموقع الإخباري الأمريكي أن الداخلية المغربية قالت إن القارب كان ينقل مهاجرين بشكل غير شرعي، مضيفا أن هذه هي المرة الثانية التي تتدخل فيها البحرية المغربية من أجل إيقاف قارب يشتبه في حمله مهاجرين عبر المتوسط، في ظل قلق متزايد حول تهريب المهاجرين في منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط.
وكان لقضية “حياة” صدى أيضا في المواقع الفرنكفونية؛ فذكر موقع جريدة “لوموند” أن المسار الذي حاولت الشابة الوصول عبره إلى إسبانيا يُستخدم بشكل متزايد على خلفية تزايد توترات الهجرة بالمملكة.
وورد في مقال “لوموند” أن هذا الحادث المأساوي وقع في سياق توتر للهجرة بالمغرب؛ وارتفاع قوي في محاولات الهجرة إلى كل من سبتة ومليلية، وإعلان العاصمة الرباط إحباطَهَا أزيد من 54.000 محاولة عبور تُجاه الاتحاد الأوروبي منذ بداية شهر يناير في السنة الجارية، وتسجيل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وصولَ حوالي 40.000 شخص إلى إسبانيا منذ بداية سنة 2018.
وذكّرت “لوموند” باخْشِوْشَانِ (زيادة خشونة) ممارسة المملكة في مجال الهجرة بشكل ملحوظ في الشهور الأخيرة؛ وهو ما بدا في المداهمات المتزايدة والإبعادات القسرية التي طالت 6500 شخص تم إيقافهم ونقلهم من شمال البلاد إلى مدن بعيدة في وسط أو جنوب المغرب، حسب المجموعة المناهضة للعنصرية والمدافعة عن الأجانب المهاجرين “Gadem” التي استشهد موقع الجريدة الفرنسية بها.
من جهته، تحدّث موقع مجلّة “L’OBS” عن كلمة “الرعب” التي “غزت وسائل التواصل الاجتماعي” بعد إطلاق البحرية الملكية المغربية الرصاص على قارب حاول عبور المتوسط يوجد على متنه “مرشّحون للهجرة”؛ وهو ما تسبّب في وفاة شابة مغربية.
وذكر موقع “L’OBS” أن هذا الخبر هزّ البلاد لكون محاولات مغادرة الشباب المغاربة “حاضرة في كل العقول”، وزاد أن محاولات الهرب من البلد من قبل هؤلاء الشباب “المستعدين لكل شيء” مسألة حسّاسة بشكل متزايد، وأن السلطات تبدو أمام هذه المحاولات في حالة عجز بعد مرور 38.850 شخصا إلى إسبانيا عبر المغرب، قبل أن يستدرك المقال مشدّدا على أن “استخدام مثل هذا الحل المتطرف أثار غضبا كبيرا عند معظم المغاربة؛ لأن هؤلاء الشباب لم يقوموا بأي جُرم بل حاولوا ببساطة الفرار من البؤس”.
موقع “Le temps” السويسري أدلى بدلوه أيضا في قضية “شهيدة الهجرة السريّة”، موضّحا أنه “بينما يركَّز الاهتمام الأوروبي على المعابر عبر ليبيا، يعاد توجيه مسارات الهجرة إلى إسبانيا”، ثم ربط هذا التحول بإطلاق خفر السواحل المغربي الرصاص على قارب مهاجرين.
وأضاف الموقع الإخباري السويسري أن مسار غرب البحر الأبيض المتوسط يجلب نصيبه من المآسي، مستشهدا بإطلاق البحرية المغربية النار على “زودياك” سريع رفض الانصياع وفقا للرواية الرسمية؛ وهو ما تسبب في وفاة شابة مغربية، وإصابة ثلاثة مرشّحين للهجرة.
واستشهد الموقع برأي مراقب فضّل عدم ذكر اسمه ذكر أن “المملكة استعملت دائما الهجرة إلى أوروبا كوسيلة سياسية للحصول على الرضا بشأن قضايا أخرى مثل حقوق الصّيد”، ثم استنتج مقال الموقع أن المغرب اليوم يبدو أكثر ميلا للتعاون مع الأوروبيين، وإيقافِ المغادرين نحو السواحل الإسبانية.
كما ورد في مقال “Le temps” رأي لِجُون لْوِي أركان، أستاذ الاقتصاد المتخصص في المغارب بمعهد الدراسات العليا الدولية والتنمية (IHEID)، الذي صرّح بأن “المغرب أقْدَرُ على إدارة حدوده من تونس الهشّة فضلا عن ليبيا التي يستَهلكُها الاقتتال بين الميليشيات”، قبل أن يستطرد قائلا: “إن المغرب غير قادر على إعادة المهاجرين الأفارقة إلى الحدود (…) بسبب غياب الإرادة السياسية؛ لأنه لا يريد أن يتنازل عن علاقاته الجيّدة مع شركائه الأفارقة لرغبته في الاندماج بالمجتمع الاقتصادي لدول غرب إفريقيا”.