محمد الخشين
السعدية بوحسين علامة جديدة للفن العصامي المغربي بصيغة المؤنث.وبالنسبة لي هي اكتشاف متأخر بسبب لامرئية أعمالها بالرغم من ديمومة ممارستها الفنية على مدى خمسة أعوام الأخيرة، لكنها لم تكن تتطلع إلى الشهرة والمجد ولا الربح، وإنما إلى إنضاج التجربة الذاتية للفن كرسالة ذات أبعاد إنسانية،
لم تكن السعدية بوحسين تتوخى من شغفها بالفن سوى تحقيق ماهيتها الإنسانية من خلال العملية الإبداعية.وبعد تفاعلات بين أسرية خاصة، علما بأنها تنتمي لعائلة من الفنانين أذكر من بينهم أخيها الحسين الممثل المسرحي والسينمائي، وأخرى بين شخصية بوجه عام، أخذت وقتا غير قصير ،اتضح عبرها بأن كل مقارنة بينها وبين غيرها من التجارب النسائية البارزة في هذا المضمار لا تفرز فوارق ملحوظة يمكن أن يستخلص منها بأنها تفضل على السعدية بوحسين في أي شيء ، قررت هذه الفنانة جعل أعمالها معروضة.
لقد عرفت الفنانة السعدية بوحسين كيف تختار المناسبة المتساوقة مع أول ظهور لها في حقل الغن التشكيلي المغربي العصامي بإقامة معرضها في إطار اليوم العالمي للمرأة ، ذلك أن المناسبة شرط كما يقال، وهي تتناسب مع أعمالها الإبداعية بوصفها تعبر عن مشاعر امرأة مغربية ، بكل صدق، حيال أوضاع النوع الذي تنتمي إليه في مجتمع لا يزال الكثير من أفراده وجماعاته ينظر إلى هذا النوع بنظرة دونية تجردها من كل حقوقها الوجودية، حيث تجبر النساء في الكثير من الحالات على العيش في حدود قواهن النباتية دون بلوغ القوة الإنسانية، ما يجعل دورهن منحصرا في التوالد والتكاثر، الشيء الذي يحرمهن من حق المشاركة في كل مناحي الحياة الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية والثقافية.وهي نفس النظرة الميزوجينية القديمة التي عفا عنها الدهر.وهذا الواقع في حد ذاته يفرض على الفنانة الأصيلة والوفية للقضايا التي تؤمن بها وسم معرضها هذا ءصرخة”، بصيغة المفرد الدال على الذات المعبرة.
إن التيمة التي جعلتها الفنانة السعدية بوحسين في واجهة معرضها يجعلها تلتحق بتقليد راسخ لدى الفنانين الفاعلين عضويا في مجتمعاتهم في الغرب (إدوارد مونك مثلا) أو في المغرب(احمد العمراني، محمد خصيف ومروان عوينات …)، وإذا كان المقام لا يتسع للتفصيل أكثر فأكثر فيما ذكر، فإن الخلاصة السريعة التي يمكنني استنتاجها من هذا الاختيار هي أن الفنانة السعدية بوحسين حددت لنفسها المسار الذي ستأخذه تجربتها الفنية من خلال تسطيرها لهذا العنوان.
وأخيرا، للفنانة السعدية بوحسين حلم وردي تمثل فيه النساء كذوات تتحرك، تطير وتتراقص بشكل احتفالي، في تجسيم متعطش للحرية.فمتى يأتي اليوم الذي تصبح فيه المرأة المغربية حرة مستقلة؟