المغرب… فسيفساء ثقافية فريدة من طنجة إلى الكويرة

ربيع الرايس

أثارت صورٌ لخيام صحراوية تقليدية على كورنيش الفنيدق نقاشًا سطحيًا يكشف عن جهل عميق بالتنوع الثقافي الغني الذي يميز المملكة المغربية. هذه التعليقات السلبية تعكس ميلًا لتسطيح وتشويه أي مبادرة تهدف إلى إبراز هذا التراث الغني. إلا أن هذه الخيام، التي رأى فيها البعض مادة للسخرية، هي في الحقيقة رمزٌ حيٌّ لهوية مغربية ضاربة في عمق التاريخ.

الخيمة الصحراوية ليست مجرد مكان للإقامة؛ بل هي جزء لا يتجزأ من الثقافة المغربية الأصيلة. إنها رمزٌ للكرم والجود وحُسن الضيافة التي يشتهر بها أهل الصحراء. كما أنها تمثل الصمود والمقاومة والاعتزاز بالموروث الثقافي الأصيل، وتُشكل في جوهرها نواةً لبناء الأسرة والمجتمع. وجودها في الشمال المغربي، وتحديدا في الفنيدق، يبعث برسالة قوية حول وحدة المغرب وتكامل ثقافاته من طنجة إلى الكويرة.

إن التنوع الثقافي في المغرب هو مصدر قوة لا مصدر تضاد. هو فسيفساء فريدة تتألف من روافد متعددة: أمازيغية، وعربية، وصحراوية، وأندلسية، ويهودية، وغيرها. هذا التناغم الثقافي هو ما يجعل المغرب مميزًا، ويُثري هويته الوطنية.

لذلك، فإن الاطلاع على تاريخ المغرب الغني والتعرف على ثقافاته المتعددة أمر ضروري، فهو يفتح الآفاق ويُعمّق الفهم. إن أطفال اليوم هم بناة المستقبل، ومن واجبنا أن نغرس فيهم قيم التسامح والانفتاح على الآخر، والاعتزاز بكل ما هو مغربي أصيل. إن السخرية من هذا الموروث الثقافي ليست سوى مظهر من مظاهر الجهل، الذي لا يخدم إلا دعاة التفرقة. المغرب بتنوعه الثقافي هو مثال حي على كيف يمكن للثقافات المختلفة أن تتكامل وتتضامن لتشكل وطنا واحدا قويا تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

 

Loading...