ربيع الرايس
في خطوة تجسد عمق الروابط التاريخية والثقافية بين المغرب وفلسطين، زار يوم أمس السبت 16 غشت الجاري أطفال القدس المشاركون في الدورة السادسة عشرة للمخيم الصيفي، دورة “حارة المغاربة”، مدينة تطوان. لم تكن هذه الزيارة مجرد رحلة سياحية، بل كانت فرصة للتعرف على تجربة فريدة من نوعها، هي قصة البعثة التعليمية المغربية الأولى إلى فلسطين عام 1928.
رحلة عبر الزمن إلى مدرسة النجاح
تمكن الأطفال المقدسيون، برفقة عامل إقليم تطوان عبد الرزاق المنصوري، من استعادة مسار الطلاب المغاربة الذين سافروا إلى مدرسة النجاح في نابلس الفلسطينية. فمن خلال شاشة تفاعلية في مدرسة الصنائع والفنون الوطنية بتطوان، عُرضت صور ووثائق تحاكي هذه الرحلة التاريخية.
وتأتي هذه المبادرة، التي نظمتها مؤسسة محمد داوود للتاريخ والثقافة بالتنسيق مع المديرية الإقليمية للثقافة بتطوان، لتسليط الضوء على الإرث المشترك بين الشعبين. إن اسم “حارة المغاربة” الذي تحمله الدورة الحالية للمخيم الصيفي ليس مجرد اسم، بل هو رمز للحضور المغربي الأصيل في فلسطين، وتجسيد للروابط التي أثمرت عن مشروع تربوي رائد قاده الحاج عبد السلام بنونة.
وقد كان للعديد من خريجي هذه البعثات التعليمية دور بارز في المشهد السياسي والثقافي والإعلامي في المغرب بعد استقلاله، ما يؤكد أهمية هذه المبادرات في بناء الأجيال وتعميق الوعي بالتاريخ المشترك.
تطوان تستقبل أحفاد حارة المغاربة
خلال جولتهم في المدينة العتيقة لتطوان، تجول الأطفال في أزقتها الضيقة، وتأملوا روعة العمارة المغربية وجمالها الفريد. كما تعرفوا عن قرب على المنتجات التقليدية التي تعكس مهارة الصانع المغربي.
ولم يقتصر الأمر على الجانب التاريخي والفني، بل لامس الأطفال المقدسيون مدى كرم الضيافة المغربية وحفاوة الاستقبال، ما أظهر لهم مدى حضور فلسطين في وجدان المغاربة وتعلقهم بمدينة القدس الشريف.
ويأتي هذا المخيم الصيفي، الذي تنظمه وكالة بيت مال القدس الشريف، ليؤكد على استمرارية هذه العلاقة، حيث يشارك فيه 50 طفلاً وطفلة من القدس، في برنامج يهدف إلى تعزيز الروابط الثقافية والاجتماعية بين الشباب المغربي والفلسطيني.
يذكر أن وكالة بيت مال القدس الشريف، هيئة اجتماعية إنسانية تابعة للجنة القدس، المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي. ويرعاها الملك محمد السادس، تعمل الوكالة على تنفيذ مشاريع اجتماعية في القدس للمساهمة في حماية المدينة المقدسة والحفاظ على موروثها الديني والحضاري ودعم ساكنتها