أنس الحسيسن
كثيرا ما يتم الحديث عن الوجه الثقافي لمدينة تطوان، وهي ترتدي لباسا ثقافيا، وهو ما يفهم من خلال الأنشطة الثقافية، التي تحتضنها من حين لآخر، وهي تستقبل مجموعة من المناسبات الثقافية عبر وجوه مساهمة من داخل المغرب ومن خارجه، وآخر ما نظم بالمدينة الملتقى الأول لمهرجان أندلسيات المتوسط، الذي من دون شك سيشكل دعما للدينامية الثقافية المتواصلة، التي تشهدها المدينة.
والمتتبع لمسار تطوان الثافي، لا يمكن أن يربطه بفترة، أو بالأطراف الداعمة لهذه الملتقيات، فارتباط المدينة بالثقافة يعود إلى عقدة عقود، وهذا ما أبرزه الإعلامي والباحث الصديق معنينو، وهو يتحدث في مداخلة له شهدتها جامعة عبد المالك السعدي بمناسبة انعقاد مهرجان أندلسيات تطوان في دورته الأولى.
الإعلامي الصديق معنينو، وهو يحل ضيفا على مهرجان أندلسيات تطوان، وكعادته أتى بمجموعة من المعطيات، والحقائق، وهو يتحدث بإسهاب عن الزيارات الملكية، التي قام بها الملك محمد الخامس لمدينة تطوان والملك الحسن الثاني، والزيارات المتعددة لجلالة الملك محمد السادس لهذه المدينة. ومما وقف عليه الصديق معنينو، ما رسمه الملك الحسن الثاني لمدينة تطوان ، وهو يلقي خطابا في هذه المدينة في زيارة له سنة 1967، حين رسم لها طابعا ثقافيا واقتصاديا.
حقيقة إن الطابع الثقافي لا يفتر عن مدينة تطوان، بل إنه يعيش في بعض الفترات أزهى لحظاته، وهذا ما نلمسه في الأسابيع الأخيرة، وتطوان تعرف تنظيم مجموعة من التظاهرات الثقافية، من خلال فعاليات السينما أو المسرح أو الموسيقى، أو من خلال تنظيم لقاءات وندوات علمية، وفكرية تنظم في بعض الفضاءات الثقافية، التي تتميز بها المدينة، خاصة وأنها تضم ومنذ عقود مجموعة من المؤسسات الجامعية، التي يعول عليها أن تجر قاطرة التنمية الثقافية بالنظر إلى ما تحتضنه بين مدرجاتها وقاعاتها من أساتذة وباحثين، وهنا لا بد من الإشارة إلى ما تتوفر عليه جامعة عبد المالك السعدي من تجهيزات رفيعة المستوى، إذ كلما استحسن استثمارها، ألا وانعكس ذلك بالإيجاب على تطور المدينة ثقافيا، آخذين بعين الاعتبار أن تصنيف هذه الجامعة أو غيرها من الجامعات المغربية يتأسس على مدى ما تساهم به مختبرات الجامعة، وما تنتجه في مجال الابتكار والإبداع العلمي والفكري…
إن الطابع الثقافي، الذي تسير عليه تطوان من شأنه أن يحرك القطاع الاقتصادي وعلى مدار السنة، لا سيما وأن التظاهرات الثقافية لا ترتبط بفترة دون الأخرى، على عكس الحركة السياحية، التي تبقى مقيدة الزمن، وإن عرفت المدينة إقبالا، وانتعاشة اقتصادية، التي تبحث المدينة عن توقيعها.
ومن يتابع الحركة، الثقافية يلمس تنوع الأنشطة الثقافية، التي كانت المدينة مسرحا لها، حيث بعد انقضاء موسم الصيف نظمت مجموعة من اللقاءات، لا يمكن إلا أن تكون محل تقدير، وقد تشهد المدينة برامج أخرى ثقافية، تنتظر الدعم الكافي حتى لا تعرف فقط إخراجها، وإنما نجاحها، وهذا من أدوار الجماعة المحلية،وغيرها من المؤسسات في أن تزيد من دعم اللقاءات الثقافية والفنية والمسرحية والموسيقية بما فيها بعض الأعمال الفردية.
وأنا أتحدث عما يخلقه الاهتمام بالثقافة من ايجابيات، وهو ما قد يوسع من دائرتها، ونضعها مما قد نطلق عليه الثقافة السياحية، بمعنى أن القطاع السياحي بإمكانه أن ينتعش مع الأنشطة الثقافية، التي تستقبلها المدينة على مدار السنة، على عكس النشاط السياحي الذي يرتبط فقط بفصل الصيف على الرغم مما قد يبدو من انتعاشة سياحية.
حقيقة الأمر، أن لمدينة تطوان مؤهلات كبرى في أن يتكرس طابعها الثقافي، وكما قلت، فإن مما سيقوي هذا التوجه، هو وجود مجموعة من المؤسسات الجامعية، حيث كانت من أولى المدن بالجهة، التي تتوفر بها هذا النوع من المؤسسات المنتجة للفكر، إضافة إلى المكتبة العامة للمحفوظات، التي تزخر بمخطوطات ومراجع ومجلات وجرائد نادرة، تساهم في تعزيز البحث العلمي، التي جاء إغلاقها في وقت غير مناسب ، وهي تعرف بعض الإصلاحات.
على أي فإن الدفع بتحريك باقي القطاعات، ولعل من أهمها القطاع الاقتصادي، سيرفع بكل تأكيد من مؤشر تنمية المدينة، وهي ثاني المدن في جهة طنجة- تطوان – الحسيمة.







