بقلم : يوسف خليل السباعي.
حصان بوزباع في كليته داخل اللوحة حركي، يمتلك القوة، وهذه القوة تتمظهر في العديد من اللوحات التي رسمها بوزباع عن الحصان، المرأة، الطفل وغيرها. إن لوحة هذا الفنان، على سبيل الانتقاء، التي نقرأها بمكر، ملغزة، تثير علامات استفهام، كما أنها مخادعة. إنها تظهر لنا حصانا، ولكنها، تلمح لأشياء، قد لايدركها حتى الفنان نفسه، أو يدركها تقنيا، إن بوزباع حالما ينتهي من رسم لوحته، تموت، لكنها تحييه، عند تلقيها من طرف المتأمل. لن نتكلم عن الألوان، فألوان بوزباع المستعملة في لوحاته قد تتشابه، وقد تتفارق، إن لوحته هذه عن الحصان تجعلنا نقترب، كمالو أننا نحمل كاميرا، إلى عينه مباشرة، فالحركة والقوة والألوان متكشفة، لكن العين، هي عين مزدوجة، عين في الظل، ظل الحصان، وعينه هو، وفي هذا ذكاء بوزباع، إن لوحاته تبعث على الحيرة، ومع ذلك يظل هذا الإزدواج في العين هلاميا. إن قوة ومهارة بوزباع التشكيلية في هذا الإزدواج.
يعتقد بعض الناس أن قوة الحصان هي في كلية جسدانيته، أوفي ” زوبعة” الريح التي يحركها عند انطلاقه، إن لم يكن هو ” الريح”.
استخدم الحصان في العديد من الأفلام السينمائية، وفي الرسم والفن التشكيلي، أوفي حلبة الفروسية، هو الذي يحرك القطيع، ويجمعها، في أفلام ” الكووبوي” الشهيرة”، ويحارب به، إضافة إلى مثوله بكبرياء في مسابقات الفروسية، حيث يقفز على الحواجز، ويعلم الفارس ( أو الفارسة) معنى الكبرياء، ذلك أنه يقفز بكبرياء، ورأسه مرفوع، ففي تلك القفزة انحناءة ورفع للرأس بسرعة البرق.
إن جمالية الحصان في عينه، يكفي إلنظر مليا في عينه لترى تلك النظرة العميقة، البا نورامية، التي تنظر إلى كل شيء، وهو مالايمكن أن يحويه الإنسان.
عين الحصان دقيقة، مميزة، خارقة ومخترقة، لكنها حزينة، أوتبدو حزينة، لأنها غامضة، أو ميتافيزقية.
ألم تكن هذه العين، عبر التاريخ، شاهدة على العديد من الحروب، مصورة في ” ذاكرتها” للدماء المستشرية، وللقتلى؟!…، و…ألم تكن أيضا شاهدة على غراميات ما، حيث كانت شاهدة على تجوال المحب ومحبوبته وهما يمتطيانه ويتحادثان عن الحب والحياة وأشياء حميمة.
في قصة ” أسرار ” (من مجموعتي القصصية) التي هي بنفس العنوان، سيحضر فارس الأحلام الذي يمتطي فرسا أبيضا، والذي سيكون ذلك التي تحلم به أسرار لينقذها من براثن السوري الذي تزوجها بالغصب وكذب عليها لتكتشف فيما بعد أنه متزوج من امرأة سورية أنجب معها أولادا.
عين الحصان الدقيقة والعميقة لاتعرف الذل، والضعف، والعار، إنها ليست عين ناقصة.
إنها، بكلمة واحدة، عين لانهائية.
حصان بوزباع ليس واحدا، وإنما مزدوجا.
إنه بعين مزدوجة: عين في الظل، وعينه هو!