يوسف خليل السباعي
تذكرت، وأنا أتصفح صفحة الإعلامي الراحل خالد مشبال، جريدة “الشمال”، التي كتبت فيها مجموعة من المقالات والنصوص والأخبار، وكما هو معروف كان خالد مشبال مديرا لها. بطبيعة الحال، لم أكن أنا وحدي من كتب في هذه الجريدة، بل مجموعة من الأقلام الصحفية والإبداعية مثل الصحافي أحمد الخمسي والكاتب المسرحي رضوان احدادو، مع الأسف لم أعد أتذكر كل شيء ولا كل الأسماء، بل وحتى ماكتبت، ونشرت في هذه الجريدة، غير موجود إلا في أرشيف الجريدة، أما أرشيفي الورقي أنا فقد احترق، ولم تفضل ولو نسخة واحدة من هذه الجريدة. والحقيقة أنني كنت أقدر خالد مشبال، وقد كان رجلا حكيما، ودقيقا في معاملاته وعلاقاته وفي عملية النشر والتحرير. كنت أروح لطنجة لقضاء بعض الحوائج الخاصة، وكان لي في ذلك الوقت، إذا لم تخني الذاكرة، ارتباط قوي بطنجة، لأنها مدينة فسيحة، ومنفرجة، وبالتالي، كان لي فيها إخوتي وأفراد من عائلتي الكبيرة، وكانت المصلحة التي أذهب إليها لغرض شخصي قريبة بمتر أو مترين، على أكثر تقدير، من مقر جريدة ” الشمال”، ومن حسن الحظ، كنت ألتقي بخالد مشبال، ويدعوني لمكتبه، والحقيقة أن هذا الإعلامي (الذي له تاريخ مديد في الصحافة والإعلام وتجارب حياتية ورحلات وكفاحات ومعارك ينبغي أن نتذكره، وهو أقل ما يمكن فعله في هذا الزمن…)، كان يرحب بي بطريقة لطيفة وحكيمة، والرجل كان يتكلم بطلاقة، ولكن بثقل، بمعنى بوزن، يزن الكلام، وكل حرف ينطقه يدخل إلى السمع والقلب، فالرجل إذاعي ومسرحي وكاتب… إلخ-، وكان، حقيقة، يروقه ما أكتبه في جريدة ” الشمال”. وكانت هذه الجريدة تنشر لي باهتمام، وهي كانت تصدر أسبوعيا، والأهم هو أن خالد مشبال كان يعرف أنني أكتب في جريدة “العلم”، وعلى ما أظن، (حتى) في جريدة ” تمودة تطوان”، والله أعلم.
بقي شيء واحد أعرفه، هو أن خالد مشبال كانت له علاقة متينة، (بطبيعة الحال كانت له علاقات كبيرة، وممتدة مع شخصيات متعددة، وهذا معروف)، بالكاتب والصحافي عبد الجبار السحيمي، وأذكر أنهما اجتمعا في لقاء بدار الثقافة بتطوان، لقاء قديم، هو وعبد الجبار السحيمي، والشاعر محمد الميموني وآخرون ( الصورة تبين ذلك)، وكان لقاء ثقافيا بامتياز، وعلى ما أذكر أن عبد الجبار السحيمي كان محبورا بوجوده مع خالد مشبال، والذي أصدر له كتيب “بخط اليد” في سلسلة شراع، فقال لي مازحا بالدارجة المغربية، وكنت آنذاك مراسلا صحفيا لجريدة ” العلم” التي كان هو رئيس تحريرها:” اسمنت أيوسف!”. فأجبته مازحا:” من كثرة الأكل والقراءة!”.
وكان لهذا اللقاء أعمق الأثر في نفسي.
لقد رحل هؤلاء الكبار، وبقيت تواليفهم، أي أعمالهم، ومنها الصحفية والإعلامية والإبداعية، ومنها سلسلة كتاب شراع التي أطلقها خالد مشبال وكانت من أهم الإصدارات في المغرب من خلال كتيب الجيب، وذلك تشجيعا على القراءة في ذلك الوقت.
رحمة الله على خالد مشبال