الحكم على دنيا باطما بثمانية أشهر نافذة يستحق منا جميعا مهلة للتفكير

نزهة الكوشي

إن خبر الحكم على دنيا باطما بثمانية أشهر نافذة مع حقها طبعا في الإستئناف، يستحق منا جميعا مهلة للتفكير.

في كل الدول وفي كل مناطق العالم، عندما يصل فنان أو رياضي قمة الشهرة، إما تراه يتكيف مع وضعيته الجديدة أو يكبو بل يقع في جب عميق و يقع فريسة فضائحة المتسلسلة.

الفرق بين الحالة الأولى والثانية سببه قدرة النجم على التأقلم، مدى وعيه بالتزاماته، مدى احترامه لمبادئه النظيفة، مدى استفادته من فريق عمل في المستوى ومدير أعمال لبيب.

حين تكون شهرة النجم مصحوبة بقدر كاف من الثقافة، والمعرفة والعلم، تراه يستفيد من وضعيته الجديدة، بل يعمل جاهدا على تطويرها عبر أياد بيضاء يساعد من خلالها مجتمعه ومواطنيه.

حين تكون شهرة النجم في مستوى وعيه، و مبادئه الكونية، ومواقفه السياسية، تراه محبوبا من الجماهير التي تضعه في مكانة عالية يستحقها بفضل رؤيته السديدة، وأفكاره الولادة.

تراه أكثر تواضعا من ذي قبل، أكثر تفاعلا مع انتظارات الناس و حاجياتهم المباشرة أو البعيدة المدى. فيشارك في الندوات والمنتديات، و يساهم في المساعدات المادية، ويبني المستشفيات من ماله الخاص.

هذا النوع من النجوم وصل لمرحلة القناعة من الحياة وملذاتها. هؤلاء النجوم، وصلوا مرحلة السناء والرقي والعطاء بكل أريحية ودائما في سرية تامة كي يحافظوا على كرامة الآخر.

لازالت ذاكرتنا منتعشة بمواقف مطربين وممثلين ورياضيين عالميين اتخذوا مواقف شجاعة أمام الحروب كحرب الفيتنام مثلا و غزو العراق وقضية فلسطين وتحرير الشعوب. فخرجوا للشارع منددين، وعبروا ووفوا في البرامج التلفزية وأبانوا على مستوى عالي من الثقافة والمعرفة لدرجة أنهم توجوا في قلوب الناس أجمعين واتخذتهم الجماهير قدوة لها وأنموذجا يحتذى به.

لكن عندما تكون الموهبة و تنعدم الثقافة، عندما يكون الصوت الجميل رديفا للعبارات الهابطة و التعبيرات الفجة، عندما يفتقر النجم للوعي، عندما يكون تلميذا فاشلا في المدرسة، عندما يكون خزانه الثقافي قاحلا، يكبو في أول هفوة.عندما يكون محاطا بأفراد عائلة تهتم بأرباحه و لا تهمها سمعته، تزيد الطين بلة و تساهم بصفة لا إرادية في تشويه صورته و تقزيمها عند الجماهير.

هذا النوع من النجوم ليسوا إلا قطعة فحم تترك بقعا سوداء أينما حلت و ارتحلت…

هؤلاء الدمى عاجزة على التعامل بروية و هدوء و رباطة جأش… هم كقدر أجوف عندما تنقر على جوانبه يخرج صوتا مرتفعا بليدا غرا سمجا… هؤلاء يحبون الأضواء البراقة، والساعات الذهبية والأسنان اللامعة والألوان البهلوانية. فتراهم يمتطون أضخم السيارات ويقطنون الفلل أو حتى القصور الشاسعة و يحيطون نفسهم التائهة بالخدم و الحشم. يحبون الحذاء الذي يحدث ضجيجا… لا يحبون منطقة الظل، بل تراهم في كل مرة يطلبون بأضواء أكثر و فضائح أفدح.

تراهم يستهزؤون بهذه و يضحكون على تلك، يترددون في التعبير عن زهوهم و فخرهم بأنفسهم بل وغرورهم القاتل.

يعيشون فراغا مهولا لحد الإختناق. فيحاولون التعويض إما بالمخدرات، أو التحرش أو النميمة أو حتى التلفيق وربما أحيانا العنف الذي يسبب لهم المتابعة القانونية، بل السجن كما وقع لعدة مغنيين أمريكان مثلا…
ما فائدة النجومية بدون ثقافة و رأي سديد؟ ما فائدة النجومية بدون معرفة و ثقافة ووعي؟.

حين تنعدم كل هذه القيم، ترى النجم كفراشة ليل بلهاء تحوم حول ضوء شمعة فما تلبث أن تحترق و تسقط من عل.

حينها يكون السقوط إلى الهاوية مدويا فلا نختزل في ذاكرتنا موهبة النجم و لا صوته الشجي، و لا وجهه السمح،بل فضيحته فقط لا غير.

Loading...