محمد البقالي أنموذجا
محمد الخشين
توطئة:
يشكل التراث المادي واللامادي جزءا لا يتجزأ من تاريخ وثقافة الذاكرة الجمعية للمجتمع[1]. وهذا المعطى في حد ذاته أصبح هو المحور الرئيس الذي استقطب اهتمام التشكيليين المغاربيين في بناء أعمالهم.وهذه القضية بدأت تتبلور ابتداء من القرن التاسع عشر، حيث كان هناك كثير من الاهتمام بالتراث الثقافي والفني. وقد أنجزت في هذا الإطار دراسات بهدف تحليل التراث بمنهج موضوعي-علمي، والكشف عن القيم الفنية والأخلاقية الكامنة فيه، والعمل على الاستفادة منها، ومن هنا طرحت عدة مسائل ترتبط بالفن والتراث، من قبيل: “الأصالة والحداثة”، مفهوم التحديث، كيفية توظيف واستغلال التراث في الفن الحديث.[2]
بالفعل، يمثل مفهوم التحديث حجر الزاوية في هذا الموضوع. غير أن هذا المفهوم دار حوله جدل كبير في العالم العربي، ما يفرض توضيحه معجميا، إذ تحمل الكلمة معنى “التجديد” والحداثة”. وبعض المفكرين في أوروبا دعوا إلى القطع نهائيا مع الماضي، بغاية خلق أشكال جديدة “حداثية”، بينما رفض البعض الآخر هذه النزعة، وهؤلاء هم أتباع المذهب الهيغيلي الذين يستعملون مفهوم الجدة، أي “التجديد”.ومن ناحية أخرى، فإن الحفاظ على التراث ينطوي على أهمية كبيرة.ومفهوم التراث ذو بعدين :1-احترام الحق في الثقافة التي تتجسد في الهوية .2- الاعتقاد بأن الحداثة ليست سوى نتيجة لماض مجيد. فما هو هذا التراث؟وما هي أشكال التراث اللامادي الذي تجتمع فيه اللغة بالرموز والذاكرة، وما هي الوسائل التي تمكن من المحافظة عليه وتجذيره كعنصر مكون ومؤسس للحداثة؟ وما هي العوائق التي تهدده؟[3]
التراث هو الإرث الذي يتركه جيل سابق لجيل لاحق، ولا توجد حدود لموضوعة التراث هذه، وذلك بالنظر إلى تعدد المفاهيم: بالنسبة للبعض يعد التراث مرادفا للماضي، وبالنسبة للبعض الآخر فهو “العقيدة الدينية”. وثمة من يعرفه كعمل بشري خالص للإنسان المتعلم إذ يكسبه ثقافة معينة ومهارات حياتية، تتيح لهذا الإنسان إتقان عمله على المادة والطبيعة لتحقيق هدف جمالي. كما يقال في هذا السياق أيضا بأن هذا التراث هو تجارب الأقدمين التي تنعكس من خلال الأطلال وهي لا زالت تؤثر في الأزمنة التي نعيش فيها. أما بالنسبة للفن، فسوف يكون هو مجمل المنجزات التي خلفها الفنانون الذين تركوا آثارا وبصمات.
لكن، لكي ينبعث التراث من جديد من رماده لابد من مساءلته وفق التقنيات والأساليب الحديثة.إذ تسلط هذه المساءلة الضوء على الظروف الاجتماعية والثقافية والجمالية الخاصة بهذا التراث[4].
هذه هي حالة الفن الإسلامي الذي خضع لقراءات فينومينولوجية، بنيوية ولسانية، لكي يصبح في خدمة الحداثة، كما أن الأبعاد الاجتماعية والثقافية للتراث تبدو مهمة للغاية. في حين أن البعد الفني يتيح للفنان تهذيب ذوقه وإحساسه، والتأكيد، في الوقت ذاته، على كون هذه الأبعاد لا تتمتع بصلاحية تشمل كل العصور التاريخية. ويتسم هذا البعد برفضه للتعلق بهوية منغلقة، فهو على عكس ذلك يتمحور حول تعددية إمكانيات الإبداع، كيفما كان المفهوم الفني المعتمد. وبالتالي، فإن التراث بعيد عن أن يكون ثابتا، لأنه مرتبط بعناصر متغيرة ومتحركة وتتوافق مع الحاضر. وعلى هذا النحو، كان يتعين على الفنان الحديث أن يكون معتدلا برفض الموقفين المتطرفين: قبول التراث أو رفضه، ذلك أن يخلق تراثا قادرا على التطور والتكيف مع الحاضر، مع بناء رؤية جديدة، وعلاوة على ذلك، لا ينبغي أن يقتصر دوره على محاكاة التراث، شرحه أو تصنيفه، بل معالجة الإشكالات الحديثة بنظرة خاصة وأصلية[5].
وعليه، يميل الإبداع الفني الحديث إلى الابتعاد عن القواعد الكلاسيكية الغارقة في التراث، فهو يرتكز على مبدأ الهوية الذي ليس شيئا آخر غير اندماج الفنان في ثقافته، ومحاولة استيعابها انطلاقا من رؤية تطرح إشكالا أساسيا، وهذا لا يعادل نفي أسس الذاكرة وعلاقاتها الجدلية بالفن. على عكس ذلك، يعتبر التراث مهما بالنسبة للفنان، لأنه قادر على أن يستمد منه إلهامه دون إتباعه.
لذلك، تتطلع الرؤية الفنية الحديثة إلى التحرر من النمطية المتوارثة عبر الأجيال. وفي هذا الإطار، ورغم كل شيء، من المؤكد أن المحاكاة لم تعد في الوقت الراهن محددة لأهداف الفن ولا وسائله التي تشكل موضوع فضول دائم ولتحولات العالم الحديث. بحيث أن طبيعة الفن نفسها تغيرت، ولكن تصورات الفنان وتوجهاته تغيرت هي الأخرى نحو التحرر.وزيادة على ذلك، فإن العمل الفني ليس سوى نتيجة صيرورة التحولات التي طرأت في البحث عن هوية هذا العمل. وعلى هذا الأساس تنشأ علاقة جدلية بين القديم والجديد، أي بين الأصالة والهوية من جهة، والحديث والجديد من جهة أخرى. وتقودنا محاولات التحديث في الفن التشكيلي إلى إشكال الإبداع المستمسك بالثقافة، في الوقت الذي يبقى فيه بعيدا كل البعد عن قضية الالتزام في الفن.وعلى هذا النحو يرتبط الفنان بالتراث ويسعى إلى الاقتراب منه بطريقة فنية وبحسب رؤية حديثة متطورة، ويرفض دمج هوية الآخر دون تعديلها، ما يلزمه بإيجاد بديل فكري ثقافي يحول دون تمزق الفن الحديث بين الحداثة والأصالة من جهة ومبادئ الهوية وإشكالاتها من جهة أخرى[6]. ومثل هذا التعريف للتراث اقترحه مراد الخطيبي عندما كتب:” يمكن تحديده في مجموعة من العادات والتقاليد التي ورثها الأبناء عن الآباء. التراث هو أيضا ما تم تمريره من طرف الأسرة، الجماعة والمكان الذي نشأ فيه الإنسان. ويقصد بالتراث الثقافي … كل الأشياء والتعبيرات التي تؤرخ للإبداع الإنساني على سبيل المثال البنايات، المآثر، الرسوم، المغارات، النحت وغيرها من الآثار التي تبقى شاهدة على حقبة تاريخية معينة بقيمتها الفنية أو العلمية”.[7]
وعندما نتحدث عن التراث الثقافي بالمغرب عادة ما تنتابنا مشاعر متباينة يتداخل فيها الشعور بالفخر والاعتزاز بعظمة الموروث الثقافي وبتنوع مجالاته مع الإحساس بالغبن والحزن بالنظر إلى ما آلت إليه حالة المتن التراثي، بحيث إن جل حوامله المعمارية والتشكيلية أصبحت في وضعية مزرية، كما أن كثيرا من الصنائع التي اعتنت على مدى قرون من الزمن بإنتاج المنتج التراثي وإعادة إنتاجه آخذة الآن في الزوال والاختفاء، إن لم تكن بالفعل قد انقرضت تماما، ما يثير الحسرة في نفوسنا بسبب هذا “الزلزال” الذي ضرب ولا يزال في عمق ثقافة المغرب، ويشل فعالية عنصر يمكن أن يكون محركا ديناميكيا للتنمية البشرية في شروط مغايرة.
إشكال التراث التشكيلي: ثلاثة أعمال نموذجية لمحمد البقالي
1-نبذة عن الفنان:
الفنان محمد البقالي واحد من الفنانين التشكيليين المغاربة الذي أولوا اهتمامهم بالمادة التراثية كمصدر للإلهام الإبداعي، وهو من مواليد تطوان سنة 1959، تتلمذ في أقسام الابتدائي بمدرسة “سيدي أحمد الزواق” بحي: “الباريو مالغا”، وأول لوحة رسمها كانت في أواخر السبعينات. ميوله إلى الفن التشكيلي كان بفضل إعجابه بمادة الرسم عند ما التحق بثانوية القاضي عياض، من هنا الدور الكبير الذي يلعبه تدريس هذه المادة في مختلف أسلاك التدريس في صناعة الفن التشكيلي المغربي، وعلى إثر ذلك انتقل إلى المدرسة الوطنية للفنون التطبيقية بفاس وأنهى دراسته بها ضمن أول فوج من أفواجها عام 1977، واستكمل تكوينه بالمركز التربوي الجهوي للرباط- سلا عام 1980، إلى أن أصبح أستاذا لمادة التربية التشكيلية بوزارة التربية الوطنية ابتداء من سنة 1981 وظل يزاول المهنة نفسها إلى يومنا هذا. كما اضطلع الفنان بمهمة الإرشاد التربوي وساهم من هذا الموقع في تأطير أساتذة هذه المادة على مدى تسع سنوات من 43 إلى 93 بجهة طنجة تطوان.
وقد تعدت أعمال محمد البقالي حدود الوطن، ففضلا عن وجود بعضها ضمن مقتنيات مؤسسات كبرى بالمغرب، من قبيل مجموعة التجاري وفا بنك، الشركة العامة المغربية للأبناك ومؤسسة محمد البوكيلي إبداع وتواصل، فهي توجد أيضا مع مقتنيات مؤسسة خوصي لويس كانو بالجزيرة الخضراء، بنك سانطاندير وبنك مدريد بإسبانيا. كما سافرت إلى أقطار أخرى في العالم العربي، أوروبا وأمريكا. وقد شارك هذا الفنان أيضا في عدة معارض فردية وجماعية بالمغرب وخارجه، واستحق تكريما كبيرا بمدينة أليكانطي الاسبانية عام 2015 من طرف جمعيتين إسبانيتين وجمعية فناني القصبة التي يعد واحدا من أعضائها.كما هو عضو فاعل في المجتمع المدني بصفته رئيسا لجمعية الضفتين للفنون والآداب، وكعضو في عدد من الجمعيات الفنية بالمغرب.وعلاوة على ذلك لم يقف شغفه بالفن عند حدود الفن التشكيلي، بل شمل أب الفنون، إذ عمل ممثلا بفرقة المعهد الفرنسي بتطوان من عام 1981 إلى 2016.
الأعمال الثلاثة المرفقة بهذه المقالة: كلها منجزة على مدى عام 2018 إلى جانب سبعة أعمال أخرى قبل جائحة كوفيد 19، لم يكتب لها الحظ في أن يشاهدها الجمهور بمعرض الفنان محمد البقالي الذي كان مبرمجا بقاعة العروض “سيلكي آر”بطنجة بتاريخ 14مارس 2019، لولا أن السلطات المغربية منعت كل التظاهرات الفنية بسبب الحالة الوبائية، وكلها زيتية على قماش، وذات مقاس متطابق: متر مربع، وبدون عنوان، ذلك أن هذا الفنان لا يعطي عنوانا للوحته ما لم ينبثق اسم ما من التفاعل البين شخصي مع بعض أفراد أسرته أو أصدقائه الكتاب أو الصحفيين أو أحد زوار مرسمه.
وقد وظف الفنان محمد البقالي في صباغة الأشكال المشخصة للمنتج التشكيلي التراثي عدة ألوان:
اللون الأحمر: في عمق اللوحة الأولى على سبيل المثال، وفي الجزء الأعلى. هذا اللون يدل عادة على الحيوية، الفرح، الطاقة، الديناميكية، الطبع أو المزاج، الاندفاع، الدفء، العاطفة، الإغراء، الصحوة، الرغبة في الانتصار، الذوق في الشغل، المغامرة، النار، الشجاعة، الغرابة، ولكن أيضا على الإرهاق العصبي، الخطر، العنف والاستفزاز…[8] غير أن تداخله مع لونين قريبين: الوردي والبرتقالي في اللوحة الأولى يجعله وظيفيا عنصرا بنيويا معبرا عن الطبيعة، إذ يحيل على مشهد الغروب في بلد مشمس، وهو المشهد الساحر الذي طالما عشقه الفنانون الذين قدموا إلى المغرب خلال الأزمنة السابقة من أوروبا بصفة خاصة ومن الغرب بشكل أعم والمعروفون بالاستشراقيين، ومن المعروف أن هناك أكثر من مائتي فنان تشكيلي جاؤوا إلى بلدنا خلال الحقبة ما قبل الكولونيالية.
بينما تتألف بقية عناصر اللوحة نفسها، في نصفها الأسفل، من أشكال هندسية تحتوي على زخارف مألوفة في المصنوعات اليدوية المغربية مثل: السجادة (الزربية)، الرخام، الخشب، الجواهر والأحجار الكريمة… مثلها في ذلك مثل أختيها. وهي المنتجات الفنية البصرية التي كانت دائما تمثل التشكيل المغربي منذ أول معرض كوني شارك فيه المغرب عام 1867 بفرنسا[9].
اللون البني: في مكانين متباعدين، في اللوحتين الأولى والثانية، وفق مقياس غير تماثلي وفي الثالثة هو الذي يحتل الصدارة. وبالرغم من دلالة اللون نفسه على الأرض، غير أنه أيضا لون الفصلين: الخريف والشتاء، ولون الخشب” وهو لون دافئ قد يرمز للتواضع، الجذور، والتاريخ القديم المتأصل للأجداد…”[10]، كما يمكن أن يوحي اللون البني بالعديد من الرموز والدلالات الأخرى من قبيل: “الموت، النهاية، المشاعر السلبية الأخرى القاسية…”[11] لكنه أيضا لون الشوكولاته، ما يجعله على مستوى المخيلة مرتبطا باللذة، وهي في حد ذاتها مبطنة لإحساس عميق بعدم الرضا. أليست الحالة التي يوجد عليها المتن التراثي مثيرة للشفقة؟ لا يبقى سوى البحث عن تعويض من خلال “الفناء” في الموضوع من أجل تفريغ الدافع الناتج عن الشعور بعدم الرضا عن طريق عملية تسامي تعبر عن نفسها من خلال رسائل ذات قيمة جمالية.أما المساحة البيضاء خلف “معرض” الفن البصري، في اللوحة الأولى، فشكلها شبيه بمدينة ما من المدن العتيقة بالمغرب، حيث يبدو معمارها امتدادا لذوقها الفني.
اللون الأصفر، رمز الغيرة ومشاعر الذنب، ولا يمكن أن يغار على التراث ويحس بالإثم أمام ما آل إليه من إهمال وتهميش غير فنان مثقف بالأساس الذي يقدم رسائله لعلها تثير اهتماما بهذا الموضوع، سواء من الناحية النظرية أو التطبيقية. ومن وجهة سيكولوجية يرمز هذا اللون للحدس والقدرة على التجديد، الحيوية والجرأة، لكن أيضا عدم الاستقرار والغرور، إنه يكشف عن الحاجة الماسة للتفوق، إلى أقصى الحدود الممكنة، وعن إرادة القوة العمياء[12].”
اللون الأزرق، ويعرف بكونه اللون البارد للفراغ، ولون الحقيقة (وعند المصريين القدماء لون الحقيقة الخالدة، والوفاء، العفة، الحياة الروحية، التأمل، ويوحي سيكولوجيا بالتسامح، ويمثل التوازن، التحكم في الذات، الكرم، الطيبة، السلوك المفكر فيه والسكينة[13]…ولعمري فإن هذه السمات كلها هي مميزات محمد البقالي الإنسان، كما عرفته.وهذه الشهادة تتطابق مع الوصف الذي خصه الكاتب الروائي عبد الحميد البجوقي به عندما كتب عن ألوانه قائلا بأنها تعبر عن ثوابته الفكرية، “وعن صفات النبل والنور والوفاء التي تميز شخصية هذا المبدع المغربي التطواني الأصيل.”[14]
اللون الأخضر: لون التوازن، التناغم والاستقرار. وهو يمنح قدرة أكبر على شفاء الجسد والروح في آن، ما يفسر كون لوحات الصيدليات خضراء، وهو باعث على الأمل، ولون الطبيعة كما يعبر عن الوفرة والقدرة على التكيف[15].
ومن جهة أخرى نلاحظ استعمال الدوائر والأشكال الكروية كرموز لفكرة الخلود، وتعد “نبضا للوجود الإنساني فهي تشير في تكويناتها إلى الطبيعة والأرض وجماليات الكون الحسية والمرئية والانفعالية والفكرية” كما قالت بشرى بن فاطمة”[16]
وأخيرا، يمكن القول بأن الأعمال الثلاثة متوطنة في التراث، فهي تكشفه، وهو يكشفها، ومن ثم فإن العلاقة التي تشد الفنان محمد البقالي إلى هذا التراث ليست خفية عن العيان، إذ تبرز بكل وضوح في اللوحة الثالثة عبر الحرفية أو الكاليغرافيا، بأسلوب حديث لا يعتمد أية قواعد كلاسيكية على نحو ما توجد مثلا في الخط الكوفي أو المغربي أو غيرهما، واختياره للرمز اللساني العربي نابع من قوته في التأثير على سيكولوجية الجمهور، فاللغة ذات مفعول سحري، خصوصا عندما تكتسي صبغة مقدسة، علما أن الحرفية بلغت أوجها مع الإسلام، وفي القرآن الكريم نجد: “اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم” (الآية الرابعة من سورة “العلق” )، فليس إذن”من المدهش في شيء أن ينال فن الخط الإعجاب بقدر التثمين بوصفه تعبيرا بصريا عن الإيمان”[17].أما اللفظ الموظف في هذا العمل نفسه، وهو: “العشق”، فله جذور صوفية، وأنا أفهم منه: الدرجة القصوى للحب، التي لا يمكن للذات الصوفية بلوغها بدون اتحاد العاشق بالمعشوق، بحيث يكون إبداع الذات العاشقة مستمدا مباشرة من الكيان المعشوق. ألا يستحق التراث المغربي الاهتمام والعناية بهذا المقدار؟ أليس التعريف به وتطويره والمحافظة عليه من مهام المثقفين والفنانين كما أشار إلى ذلك عبد الكبير الخطيبي في نقده المزدوج؟
وبناء على ما تقدم من تحليل مضمون الرسائل الثلاث، يتضح لي أن الفنان محمد البقالي مهووس بالتراث الجمالي البصري المغربي بلا مبالغة، وذلك وفق رؤية حداثية مرنة، وإن كان لا يحب البهرجة، ذلك أن رسالة الفكر ليست هي “التشدق بالعلمية أو بالمعاصرة والتظاهر بالتجديد، بل القيام بذلك عن وعي وفي صمت “على حد قول فقيد الثقافة العربية الإسلامية حسن حنفي[18]. وفضلا عن ذلك فهو فنان منفتح على محيطه، فاعل مدني في نطاق مجال اشتغاله، وعمله جدير بأن تسلط الأضواء عليه، على أمل فتح نقاش وطني يهم بالأساس قطاع الثقافة والفن بالمغرب.
عدسة محمد الخشين
عدسة محمد البقالي
عدسة محمد الخشين
. [1] El-Malki.Rim. La représentation du patrimoine culturel matériel et immatériel dans l’art plastique : une étude des symboles dans certains œuvres d’art. Democratic Arab Center. Journal of cultural linguistic and artistic studies : Nineteenth Issue – June 2021.
https://democraticac.de/?p=75775
[2] Ibid.
[3] Ibid.
[4] Ibid.
[5] Ibid.
[6] Ibid.
الخطيبي.مراد” مفهوم التراث لدى عبد الكبير الخطيبي”.18 نوفمبر .2017
[8] https://blogs.lyceecfadumene.fr/informatique/files/2015/01/1-symbolique-couleurs.pdf
De l’orientalisme à l’art colonial : les peintres français au Maroc pendant le. Marlène. [9]. Lespes. Marlène. [9].
Protectorat (1912-1956). Art et histoire de l’art. Université Toulouse le Mirail – Toulouse II, 2017. Français. ffNNT : 2017TOU20098ff. fftel-02311371f https://tel.archives-ouvertes.fr/tel-02311371/document p192
فرارجة. مجد.”دلالات اللون البني”17 يناير 2021. https://mawdoo3.com/ 9
[11] المرجع نفسه.
[12] Darras.Frédérique. DOSSIER THEMATIQUE 8 avril 2008pp2-3http://www.cndp.fr/crdp-besancon/fileadmin/CD39/Fichiers_cd39/Artotheque/couleur-couleurs_2005.pdf
[13] Ibid.
البجوقي. عبد الحميد. خلوة مع “زهراء” المُبدع محمد البقالي.بتاريخ 22 أكتوبر 2021. https://www.raialyoum.com/ /
[14]
[15] Stettler .Sandra et Olivier. L’ÉNERGIE DES COULEURS. Cet article est extrait du livre “Respirez pour mieux vivre” paru aux Editions Jouvence. https://www.cassiopee-formation.com/media/Article-energie-des-couleurs.pdf
بن فاطمة.بشرى ” الرموز الهندسية نموذج الدائرة ومداها المفاهيمي في التجربة التشكيلية.دنيا الوطن 30-12-2018.
[16]
[17] Iain Akerman. la Calligraphie arabe artisanat ancien, art moderne. https://www.arabnews.fr/CalligraphieArabe.
حنفي.حسن.”قضايا معاصرة 1 في فكرنا المعاصر.دار التنوير.القاهرة.1981.ص20.[18]