فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بشفشاون يحتفل بالذكرى 65 لانطلاق عمليات جيش التحرير بجنوب المملكة
تشكل الذكرى الخامسة والستون لانطلاق عمليات جيش التحرير بجنوب المملكة، والتي يخلدها الشعب المغربي من 21 إلى 24 نونبر من كل سنة، فرصة سانحة لاستحضار إحدى المحطات البارزة في ملحمة الكفاح الوطني من أجل استكمال الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية.
إن انطلاق طلائع قوات جيش التحرير بالجنوب المغربي في يناير 1956، كان إيذانا بمرحلة جديدة من الكفاح الوطني للتحرير وتحقيق الوحدة الترابية المقدسة، وهكذا هب أبناء القبائل الصحراوية والمقاومون الوافدون من كافة الجهات ومناطق الوطن لخوض غمار المعارك والهجومات البطولية على امتداد ربوع واد نون والساقية الحمراء وواد الذهب، لينجزوا ملاحم بطولية وانتصارات باهرة، ومن هذه المعارك البطولية، نجد؛ أم العشار والسويحات عام 1956، والرغيوة وواد الصفاف وأيت باعمران سنة 1957، والدشيرة عام 1958، وغيرها من المعارك البطولية التي سجلت بمداد الفخر والاعتزاز صفحات تاريخية مجيدة وتليدة. حيث تمكن جراء كفاحه المتواصل هذا وبمختلف الوسائل والطرق الممكنة من استعادة مدينة طرفاية الى أحضان الوطن في 15 أبريل 1958، وبعدها مدينة سيدي إفني في 30 يونيو 1969، ثم توالت الفتوحات وتوجت بالحدث التاريخي المفصلي والحاسم بتنظيم المسيرة الخضراء التي أبدعتها عبقرية جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله تراه، والتي تكللت باستكمال الوحدة الترابية، وجلاء آخر جندي أجنبي عن الصحراء المغربية يوم 28 فبراير 1976 ليتم بعدها استرجاع إقليم واد الذهب في 14 غشت 1979م، واليوم يعيش الشعب المغربي فرحة أخرى وصفحة جديدة في عهد الملك محمد السادس أيده الله ونصره، وذلك بعد مرور سنة عن يوم 13 نونبر الذي أصبح حدثا تاريخيا جديدا ينضاف إلى أمجاد وبطولات وذكريات الوطن الخالدة.
إن تخليد هذه الذكرى لهذه السنة يأتي موازيا للذكرى الأولى للعمليات البطولية التي أنجزتها القوات المسلحة الملكية بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية ورئيس أركان الحرب العامة، وذلك بتطهير معبر الكركرات من فلول قطاع الطريق من حركة الانفصاليين. هذا الحدث الذي كان فرصة أبرز من خلالها المغاربة عن تماسك الصف الوطني والبيعة المتجددة والتشبث المتواصل لأسرة المقاومة وأعضاء جيش التحرير وكل مكونات المجتمع المغربي بأهداب العرش العلوي المجيد، وتأييدها الدائم لمغربية الصحراء واستعدادها للدفاع عن حوزة الوطن والذود عن ترابه وأرضه، والتي أكدت خلالها على موقفها الراسخ والثابت حول قضية الوحدة الترابية المقدسة، وتعبيرها عن تجندها الدائم والمستمر وراء صاحب الجلالة من أجل إحباط مؤامرات الخصوم والأعداء، وتثمينها للمبادرة المغربية التي تحظى بالدعم من لدن المنتظم الدولي والمساندة من قبل البلدان الصديقة والشقيقة، وهي المبادرة القاضية بمنح حكم ذاتي موسع للأقاليم الجنوبية في ظل السيادة الوطنية.
إن الاحتفاء بهذه الذكرى هو استحضار لأفضالها وأمجادها كذكرى غنية بالدروس والعبر المفعمة بالمعاني السامية والدلالات العميقة الداعية إلى التحلي بقيم الوطنية الحقة والتمسك بمبادئ المواطنة الايجابية التي ما أحوج الأجيال الحاضرة والقادمة إلى تمثلها وتملكها لاستيعاب مقاصدها ومضامينها.
ويبرز المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير الدكتور مصطفى الكتيري خلال تصريحاته في كل مناسبة أن المندوبية السامية التي ما فتئ يؤكد فيها أن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير لا تذخر جهدا من أجل التعريف بالأمجاد التاريخية وتسليط الأضواء على ملحمة الاستقلال ونضالاتها وبطولاتها وتدوين وتوثيق مضامينها وإبراز دلالاتها وتكريم رموزها وأعلامها وإشاعة رسائل الوطنية الحقة المواطنة الإيجابية في صفوف الناشئة والأجيال الجديدة لتتمسك بأقباس هذه الملاحم الخالدة والذود عن ثوابت الأمة ومقدساتها.
لقد أبان المغرب في مشوار استخلاصه لأراضيه واستكماله لوحدته الترابية، عن حنكة ومسؤولية لإرجاع الأمور الى طبيعتها، وكل ذلك في احترام تام للأعراف الدبلوماسية وفي إطار الأمم المتحدة وفي احترام كامل للشرعية الدولية والمنظم الدولي، وكل ذلك تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي أبان للعالم بأسره أن المملكة ستظل متشبثة بقيم السلم والحوار وحسن الجوار، عبر قراراتها المتبصرة، مع العزم الأكيد على الدفاع عن مغربية الصحراء. كما ستظل المملكة متأهبة للذود عن حقوقها وتقوية مكتسباتها الوطنية، ووفق واجباته المتسقة مع الشرعية الدولية، ورغبتها الأكيدة في توطيد أواصر الأخوة والتعاون مع عموم دول المنطقة والقارة. مطالبين المنتظم الدولي بالتدخل بحزم من أجل وضع حد لمثل هذه الاستفزازات اليائسة والمناورات الفاشلة التي لن تزيد المغاربة، ملكا وشعبا، إلا إصرارا وتلاحما لمواصلة مسيرة البناء والنماء.