زيارة وزير الصحة لمستشفى سانية الرمل بتطوان: هل تحمل خطة إنقاذ أم مجرد “مناسبة إعلامية”؟

ربيع الرايس

​في ظل أزمة خانقة يعيشها المستشفى الإقليمي سانية الرمل بمدينة تطوان، حلّ اليوم الخميس وزير الصحة والحماية الاجتماعية بالمنشأة الصحية في زيارة تكتنفها التساؤلات، خاصة وأن المستشفى يعاني في الدرجة الأولى من خصاص كبير ومزمن في الموارد البشرية، وعلى رأسها أطباء الاختصاص.

​خصاص كارثي في أطباء التخصص: الأرقام تتحدث

​المعطيات الصادمة التي تكشف حجم النقص تؤكد أن زيارة الوزير قد لا تعدو كونها “جعجعة بدون طحين”، ما لم تتبعها قرارات جذرية وفورية. فقد تقلص عدد أطباء الاختصاصين إلى أكثر من النصف في غالبية التخصصات الحيوية، الأمر الذي يهدد إمكانية تقديم عرض صحي لائق للمواطنين:

​طب الأطفال: تقلص من 4 أطباء إلى طبيبة واحدة.

​أمراض النساء والولادة: انخفض من 6 إلى 3 أطباء.

​طب الرأس والأعصاب: أصبح محصوراً في طبيب واحد بدل 3، مع احتمالية فقدان التخصص بالكامل خلال أشهر.

​أمراض القلب: تراجع من 4 إلى طبيبين.

​طب العيون: تقلص من 3 أطباء إلى طبيب واحد.

​طب الروماتيزم: انخفض من 4 إلى طبيبين.

​طب الدماغ: تقلص من 4 أطباء إلى طبيب واحد.

​الأشعة: تراجع من 4 أطباء إلى طبيبين.

​الأذن والحنجرة: تقلص من 4 أطباء إلى طبيب واحد.

​جراحة المسالك البولية والتناسلية: انخفض من 4 إلى طبيبين.

​أمراض الكلى: تقلص من 3 أطباء إلى طبيب واحد.

​طب الإنعاش: يتوفر على طبيبين فقط مقارنة بأربعة سابقا، ما يدفع الإدارة للاستعانة بأطباء من المضيق والفنيدق.

​كما أن تخصصات مثل طب الأمراض الجلدية يغطيها طبيب واحد، ويفتقر المستشفى حالياً لأطباء في الجراحة التجميلية والتقويم بعد مغادرة طبيبتين كانتا به سابقاً. وحتى مستشفى الرازي للصحة العقلية لا يتوفر سوى على طبيبة واحدة تتحمل أعباء طبية وإدارية متعددة.

​ضغط هائل ونقص في الأدوية

​في المقابل، يظل تخصص جراحة الأطفال (4 أطباء) وجراحة العظام (5 أطباء) الوحيدين اللذين يتوفران على عدد كافٍ نسبياً، لكنهما يتعرضان لضغط كبير بسبب غياب تخصص جراحة الأطفال بمستشفيات وزان وشفشاون والمضيق-الفنيدق والحسيمة، مما يضاعف من الأعباء على أطباء سانية الرمل.

​ويفاقم الأزمة النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية (الخيط، المصل، الضمادات)، حيث يجد المرضى أو عائلاتهم أنفسهم مجبرين على شرائها قبل أو أثناء العمليات الجراحية. هذا إلى جانب طول مدة الانتظار التي قد تصل إلى 6 أشهر أو سنة لإجراء فحص أو عملية، رغم المحاولات المستمرة من الأطباء لتقديم العمليات المستعجلة أو المتعلقة بالسرطان.

​زيارة وزير الصحة والحماية الاجتماعية، وهو محاط بـ “هالة من عدسات الكاميرات”، تثير تساؤلا جوهريا: ما الفائدة من هذه الزيارة إذا ظل الخصاص في الأطر الطبية والتمريضية قائماً؟

​ الأزمة في سانية الرمل تتطلب قرارات استثنائية وعاجلة لتعويض النقص الكارثي في الكفاءات وتوفير الإمكانيات الضرورية للعمل. وإذا لم تكن هذه الزيارة تحمل في طياتها خطة إنقاذ واضحة وملزمة لسد الخصاص، فستبقى مجرد مناسبة إعلامية، تُعمّق من إحساس المواطنين بأن حقهم في العرض الصحي الجيد أصبح مجرد شعار.

​المواطنون في تطوان والجهة ينتظرون من الوزير إجابة فعلية وملموسة على سؤال النقص الحاد، وليس مجرد زيارة بروتوكولية.

Loading...