أكدت كريمة بنيعيش، سفيرة المغرب لدى مدريد، أن العلاقات بين المغرب وإسبانيا، التي تتميز بالقرب الجغرافي والعلاقات التاريخية العميقة، تقوم على المصالح الاستراتيجية المشتركة والتعاون المثمر بين البلدين. جاء ذلك خلال كلمتها في ندوة بعنوان “العلاقات المغربية الإسبانية: أبرز المحطات التاريخية والتحديات الراهنة”، التي انعقدت أمس الجمعة.
وأوضحت بنيعيش أن العلاقات بين المملكتين تسير على أساس التعاون المستمر والحوار المتواصل، اللذين يقومان على الاحترام المتبادل وخارطة طريق طموحة. ولفتت السفيرة إلى أهمية التكامل والتنوع في تعزيز هذه العلاقة النموذجية التي تشمل جميع القطاعات الاستراتيجية.
في هذا السياق، أكدت بنيعيش على قوة الروابط الاقتصادية بين البلدين، مشيرة إلى أن المغرب يعتبر ثالث أكبر شريك تجاري لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي بعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. كما أن نحو ألف شركة إسبانية تعمل في المغرب ضمن 20 ألف شركة إيبيرية تربطها علاقات تجارية منتظمة مع المملكة، باستثمارات تبلغ قيمتها ملياري يورو وتساهم في خلق حوالي 20 ألف وظيفة في قطاعات استراتيجية.
وأضافت السفيرة أن الشركات المغربية، بما في ذلك شركات كبرى مثل المكتب الشريف للفوسفاط، تُكثف استثماراتها في إسبانيا، مما يعكس ديناميكية اقتصادية قائمة على التكامل والمساهمة في الازدهار المتبادل بين البلدين.
وتطرقت بنيعيش إلى ازدهار التبادلات بين المغرب وإسبانيا، مشيرة إلى أكثر من 260 رحلة جوية أسبوعية و60 رحلة بحرية يوميا، بالإضافة إلى تسجيل 3 ملايين زائر إسباني إلى المغرب في 2024، ما يمثل زيادة بنسبة 16% مقارنة بالعام السابق. كما أكدت أن إسبانيا تعد ثاني أكبر سوق سياحي للمغرب.
وفي المجال التعليمي، أشارت السفيرة إلى أن حوالي 12 ألف طالب مغربي يدرسون في إسبانيا، مما يمثل 10% من إجمالي الطلاب الأجانب في البلاد. كما أكدت أن المغرب يستضيف أكبر شبكة معاهد ثيربانتس في العالم، مما يعزز التبادل الثقافي بين البلدين.
كما أبرزت السفيرة أهمية المشروع المشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال لاستضافة كأس العالم 2030، والذي يعكس التعاون غير المسبوق بين الدول الثلاث ويمثل خطوة كبيرة نحو تعزيز الشراكة الاستراتيجية بينهما.
من جانبه، سلط المؤرخ الإسباني فيكتور موراليس ليزكانو الضوء على الروابط التاريخية العميقة بين المغرب وإسبانيا، مشددا على أن الفهم المتبادل للتاريخ المشترك يعد أساسا لتوطيد التعاون بين البلدين. كما استعرض ليزكانو أبرز المحطات التاريخية التي شكلت هذه العلاقة.
بدوره، أشاد حسن العربي، رئيس قسم الدراسات الإسبانية بجامعة محمد الأول بالناظور، بالدور الكبير الذي تلعبه الجامعات المغربية والإسبانية في تعزيز العلاقات الثنائية من خلال أبحاثها ومشاركتها في الفعاليات المشتركة.
وقد شهدت الندوة، التي انعقدت في المركز الثقافي “أتينيو” بمدريد، حضور العديد من الخبراء والباحثين الذين شددوا على أهمية تعزيز التبادلات الثقافية والفكرية بين البلدين كأداة رئيسية لبناء تعاون مستدام بينهما.