“الجيل Z”.. وعي شبابي جديد يتظاهر دون وساطة ويرتّب مطالبه تحت سقف ثوابت الوطن

على إيقاع المقاطع القصيرة والتعليقات الغاضبة، يتحول الفضاء الرقمي في المغرب إلى ساحة احتجاجية جديدة يقودها جيل وُلد متصلا بالإنترنت، لكنه يصطدم يوميا بواقع خدمات عمومية تزداد هشاشة.

وحملت الاحتجاجات التي حاولت التمدد في عدد من المدن، ابتداء من منتصف شتنبر، توقيع جيل جديد من الشباب، يُطلق على نفسه اسم “جيل Z”، ظهر في البداية كحالة رقمية متفرقة، قبل أن يتحول إلى ما يشبه الحراك المتعدد النبضات، دون قيادة معلنة أو تنظيم رسمي.

ولا يدعي هذا الجيل تمثيل تيار سياسي، ولا يستند إلى جمعية أو نقابة، لكنه يقدم نفسه كصوت شبابي مغربي “يحب وطنه”، ويطالب بما يعتبره “حدًا أدنى من الكرامة” في التعليم العمومي وخدمات المستشفيات.

وكتب أحد الداعين على قناة تواصلية للمجموعة: “نحن لا نعارض الدولة، نحن أبناؤها، ونريد فقط أن نعيش فيها بكرامة”، وهي لهجة تعبر، بحسب مراقبين، عن وعي متقدم برمزية المؤسسة الملكية وحرص على الابتعاد عن الشعارات الراديكالية.

وتنشط هذه المجموعة بشكل أساسي على “تيك توك” و”إنستغرام” و”ديسكورد”، حيث تُنشر مقاطع قصيرة تسلط الضوء على أعطاب الخدمات، وتُرفق بنداءات إلى “احتجاج سلمي” يلتزم بالقانون.

في إحدى هذه الرسائل، كتبت المجموعة: “نحن جيل Z المغربي، لا نحمل أي أجندة، ولا نتبع أحدا. نريد تعليما مجانيا جيدا، وصحة متاحة للجميع، ولا نريد سوى أن تُسمع أصواتنا”.

ورغم الحضور الرقمي المتنامي، ظل الحراك محدودا في ترجمته الميدانية، بعدما منعت سلطات محلية بعض الوقفات، واعتُقل شبان في مدن مثل الدار البيضاء وسط تضامن رقمي واسع ودعوات لضبط النفس. لكن الرسائل لم تتوقف، بل بدأت في اتخاذ طابع أوضح من حيث التنظيم والتنسيق، دون أن تتجاوز السقف المؤسساتي.

لا ينتمي هذا الجيل إلى تقاليد الاحتجاج التي عرفتها البلاد في العقود الماضية، ولا يُعرّف نفسه ضمن أطر أيديولوجية أو مرجعيات حزبية. فهو لا يطلب إسقاط النظام، ولا يعادي مؤسسات الدولة، بل يتعامل مع الواقع من موقع من يرى الأعطاب، ويعبّر عنها بلغته.

خطابه مباشر، لغته بسيطة لكنها محمّلة بالتجربة، وأسلوبه يعتمد أكثر على الصورة والفيديوهات القصيرة بدل البيانات الطويلة أو الشعارات السياسية المعقدة.

وفي خلفية هذا التحول، تتشكل ملامح وعي جديد لا يثق كثيرا بالوساطة، ولا ينتظر موافقة زعيم، بل يتحرك حين يشعر أن الحياة اليومية باتت تُثقل الكاهل بما لا يُحتمل.

Loading...