أبرز المشاركون في لقاء فكري حول مبادرة التسامح الديني، أمس الخميس بتطوان، أن المغرب أرض التسامح والتآخي.
وأجمعت مداخلات ممثلي الديانات الإبراهيمية الثلاث، في لقاء نظمته مؤسسة غابرييل غارسيا ماركيز بالمغرب بتنسيق مع الكنيسة الكاثوليكية بتطوان والكنيس اليهودي بطنجة، على أن المغرب كان ولازال أرض التسامح والتآخي، عاش على أرضه المسلمون واليهود والمسيحيون في تآخ وسلام، كما مارس كل مؤمن طقوسه الدينية بحرية تامة.
ودعا المشاركون إلى دعم قيم المعرفة المتبادلة والأخوة البشرية والتعايش المشترك لاستعادة الحكمة والعدالة والإحسان ونبذ الكراهية والعداء والتطرف والإرهاب والعنف والحروب.
كما أوصى المشاركون في اللقاء، الذي حمل شعار “الإسلام والمسيحية واليهودية بين التسامح والتعايش”، بتعزيز ثقافة التسامح والتعايش السلمي وتبني المبادرات الرامية إلى نشر ثقافة التسامح والتعايش بين أتباع الديانات السماوية ومواجهة حملات الازدراء والكراهية.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد الرئيس المنتدب لمؤسسة غابرييل غارسيا ماركيز بالمغرب، السيد أيمن الغازي الهراس، أن الهدف من تنظيم اللقاء هو التأكيد على أن “المجتمع المغربي مجتمع الحوار والتعايش، وأن مظاهر التطرف والعنف التي تظهر بين الفينة والأخرى دخيلة عن ثقافتنا ومجتمعنا”.
وقال الغازي إن مؤسسة غابرييل غارسيا ماركيز قررت تنظيم هذا اللقاء الفكري، الذي توج بإصدار نداء تطوان، في سياق زيارة البابا فرنسيس للمغرب يومي 30 و31 مارس الجاري.
من جانبه، أكد القاضي العبري بالمحكمة الابتدائية بطنجة وممثل الجالية اليهودية بشمال المملكة السيد جاكوب تورجمان أن اليهود المغاربة يفتخرون بمغربيتهم ويتمسكون بالملكية، موضحا أنهم “نشأوا مع إخوانهم المسلمين كعائلة واحدة”.
ورأى تورجمان أن على الجيل الجديد أن يفتخر بتاريخ المغرب وبالماضي المشترك بين المسلمين واليهود وباقي الأديان السماوية، مشددا على أن “المغرب كان بلادا للتسامح والتعايش على مر العصور”.
أما إسماعيل البشير العلمي، الباحث في مركز حوار الأديان والعقائد، فقد أشار بدوره إلى الأدوار الرئيسية التي لعبتها الدولة العلوية في تحقيق التقارب والتسامح الديني، وذلك انطلاقا من الظهائر السلطانية للمولى الحسن الأول، وكذا الموقف البطولي والتاريخي لجلالة المغفور له محمد الخامس، الذي رفض طرد وإهانة اليهود المغاربة تنفيذا لتوصية نظام فيشي الفرنسي، واللقاء التاريخي الذي جمع الملك الراحل الحسن الثاني بالبابا يوحنا بولس الثاني، وصولا بما حققه المغرب في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس في مجال التعايش والتآخي.
بدوره أبرز مطران الكنيسة الكاثوليكية بطنجة الأب سانتياغو أغريلو مارتينيز، على أن “الإنسان يمكنه أن يزرع الحب والخير والتسامح والأمل، كما يمكنه أن يبث بذور الشر والحقد والتطرف، غير أن الله جميل لا يمكنه أن يقبل غير الخير والحب والتسامح في قلوب البشرية”.
وتوج اللقاء بإصدار نداء تطوان الذي يؤكد على سعي المؤمنين من كافة الأديان السماوية السمحة والأشخاص ذوي النوايا الحسنة على الانخراط بإخلاص وإيمان في نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام، مشددا على أن التعاليم الحقيقية للأديان السماوية تدعو إلى التشبث بقيم السلام ودعم قيم الانفتاح والحوار المعرفي وتحقيق الأخوة الانسانية والتعايش المشترك بغية تأسيس فضاء إنساني تسود فيه الحكمة والعدالة والخير.
وتابع النداء أن “الأديان لا تحرض أبدا على الحرب، ولا تحث على سيادة مشاعر الكراهية والتصادم والتطرف ولا تدعو إلى الإرهاب أو العنف أو سفك الدماء”، مطالبا “من الجميع، كل من منطلق إيمانه واعتقاده، الكف عن استخدام الأديان السماوية في هذه الغايات المدمرة والتوقف عن استخدام اسم الله لتبرير هذه الأفعال المشينة”.