أخنوش يعد برفع أجور الأساتذة وإحداث مليون منصب شغل وإصلاح الصحة والتعليم

أكد رئيس الحكومة، السيد عزيز أخنوش، اليوم الاثنين، أن السياسة الاجتماعية للحكومة تقوم على المساهمة في تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية قصد ضمان تكافؤ فرص حقيقي لجميع المواطنات والمواطنين وتثمين الرأسمال البشري للمملكة.

وقال السيد أخنوش، في معرض تقديمه للبرنامج الحكومي خلال جلسة مشتركة لمجلسي النواب والمستشارين، إن “الحكومة التي أتشرف بقيادتها، والمعتزة بثقة ودعم جلالة الملك السامية والتوجيهات المولوية النيرة، تعي جيدا أن مهمتها الأولى تتجلى في تعزيز دعائم الدولة الاجتماعية وتثمين الرأسمال البشري المغربي، وتطمح إلى السير بعزم وثبات لحفظ كرامته، وتكريس حقوقه وتوفير ظروف رفاهيته”.

وبعد أن أشار إلى أن أبرز المشاريع التي ستنصب الحكومة على تنفيذها في هذا الإطار تتمثل في ورش تعميم الحماية الاجتماعية، وفقا للرؤية الملكية السامية، ذكر رئيس الحكومة بأنه في شهر يوليوز 2020، أعطى جلالة الملك محمد السادس، في خطاب العرش، انطلاقة مشروع اجتماعي ضخم، يعد ثورة اجتماعية، ويتمثل في تعميم الحماية الاجتماعية لفائدة كافة المغاربة، مضيفا أنه تلا ذلك خطابان ساميان، في شهري غشت وأكتوبر من السنة نفسها، أكدا على أولوية هذا الطموح الملكي.

وتابع قائلا “كما أعطى جلالة الملك تعليماته إلى الحكومة للعمل على تنفيذ تدريجي لتعميم الحماية الاجتماعية بين 2021 و 2026. وتطبيقا للتوجيهات الملكية السامية، خاصة تلك الواردة في خطاب جلالة الملك يوم الجمعة الماضي بمناسبة افتتاح أشغال هذه الولاية التشريعية، تنخرط الحكومة في مواصلة ورش الحماية الاجتماعية وتعميقه باعتباره ورشا يحظى برعاية جلالة الملك”.

وأكد رئيس الحكومة أن السياسة الاجتماعية للحكومة تقوم على أربع ركائز من شأنها ضمان تكافؤ فرص حقيقي لجميع المواطنات والمواطنين وتثمين الرأسمال البشري للمملكة، مبرزا أن تعميم الحماية الاجتماعية يشكل الركيزة الأولى لتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، فيما تتعلق الركيزة الثانية بإحداث نظام حقيقي للمساعدة الاجتماعية يستهدف الأسر الأكثر هشاشة.

وللحد من التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، يضيف السيد أخنوش، تقدم الحكومة على وجه الخصوص وفي إطار المشروع الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، دخلا قارا كحد أدنى لحفظ كرامة كبار السن، وتعويضات للأسر المعوزة، كما تلتزم بسن سياسة عمومية واضحة ومتكاملة ومتعددة الأبعاد لفائدة الأشخاص في وضعيات إعاقة، مع دعم الجمعيات العاملة بالفعل على إدماجهم.

وأضاف أنه من أجل توسيع نطاق برامج المساعدة الاجتماعية عبر تحويلات مالية مباشرة بدلا من المساعدات المتفرقة، ستسرع الحكومة بإخراج السجل الاجتماعي الموحد لتحقيق استهداف فعال وأقل كلفة للمساعدات الاجتماعية الموجهة إلى المستفيدين، مسجلا أن هذا الإجراء سيمكن من ترشيد برامج المساعدة الاجتماعية الحالية من خلال تيسير التعرف على المحتاجين إليها.

ولفت السيد أخنوش إلى أن هذه التدابير الاجتماعية غير المسبوقة ستستكمل باستثمارات مهمة في القطاعات الاستراتيجية للصحة والتعليم، موضحا أن تعميم الحماية الاجتماعية يتطلب تأهيلا حقيقيا للنظام الصحي الوطني، الذي يعتبر الركيزة الثالثة للدولة الاجتماعية للاستجابة لانتظارات المواطنات والمواطنين في قطاع الصحة.

وذكر رئيس الحكومة بأن “جلالة الملك أكد في خطابه السامي الأخير على أن التحدي الرئيسي يتمثل في التأهيل الحقيقي للمنظومة الصحية، طبقا لأفضل المعايير، وفي التكامل بين القطاعين العام والخاص؛ وهو الرهان الذي تدركه الحكومة جيدا وستعمل بكل جد وتفان على تحقيقه”.

ولأن تعميم الحماية الاجتماعية سيولد زيادة في الطلب على الرعاية الصحية، يضيف السيد أخنوش، تولي الحكومة أهمية خاصة لرفع العديد من التحديات في المجال الصحي، ابتداء بتأهيل المستشفى العمومي، مشيرا إلى أنه، ولهذه الغاية، تلتزم الحكومة بتعزيز خدمة الصحة العمومية، من خلال تنفيذ خطة طموحة تروم تلبية الحاجة الماسة على المدى القريب، مع توفير الوسائل الكفيلة بتطوير العرض الصحي على المدى البعيد.

وبخصوص تمويل الخطة الشاملة لإصلاح قطاع الصحة، قال السيد أخنوش إن الحكومة تلتزم بتعزيز ميزانية قطاع الصحة خلال الولاية الحكومية، موضحا أن العناصر الأساسية لإصلاح منظومة الصحة تشمل رفع عدد العاملين في الرعاية الصحية ومراجعة وضعيتهم وفقا لكفاءاتهم وتضحياتهم من أجل تغطية أفضل للتراب الوطني وتلبية حاجيات المرضى على وجه أمثل، وتعميم طب الأسْرة على نحو تدريجي، وتعزيز المراكز الصحية الأولية، وإحداث شبكات مستشفيات جهوية.

وفضلا عن ذلك، يضيف رئيس الحكومة، فإن إحداث بطاقة صحية ذكية للحد من الإنفاق المباشر للمرضى على الخدمات الصحية، ومراجعة السياسة الدوائية، ومنح تحفيزات لمهنيي قطاع الصحة للحد من ظاهرة سوء التوزيع المجالي لمهنيي الصحة، وتعزيز السياسة الوقائية، كلها إجراءات من شأنها إعادة ثقة المواطن في المستشفى العمومي.

وتابع السيد أخنوش أن الركيزة الرابعة للدولة الاجتماعية تتجلى في إصلاح المدرسة العمومية والرقي بها ورد الاعتبار لها لتكون ذات جاذبية ومشتلا لكفاءات المستقبل، مبرزا أن إنجاح تحدي مدرسة ذات جودة يقوم على الاهتمام المتجدد بفاعلي المدرسة العمومية وتعزيز الطموح التربوي للتقدم نحو تكافؤ فرص حقيقي. وأضاف أن إتقان الأطفال المغاربة لمكتسبات المرحلتين الابتدائية والثانوية شرط لازم كي تتمكن الجامعات من لعب دورها المتمثل في نقل المعرفة وتعميقها.

وشدد على أن التقدم نحو تكافؤ الفرص يتطلب دعم سياسة طموحة للطفولة المبكرة وتمكين الأطفال من المعارف الضرورية وتربية الناشئة على التشبث بالقيم الثقافية المغربية بكل مقوماتها الإسلامية والتراثية والفكرية والمعرفية والاجتماعية والفنية، مع الحرص على مواكبة الجيل الصاعد حتى يتشبع على قيم الانفتاح والتسامح بين الأديان والاهتمام بالإرث الثقافي بمختلف مكوناته.

ولغاية إصلاح المنظومة التعليمية والتربوية، قال السيد أخنوش إن الحكومة تعتبر رد الاعتبار لمهنة التدريس مدخلا رئيسيا، من خلال تحسين جودة تكوين الأساتذة والارتقاء بظروف اشتغالهم، مسجلا أنه، وتعزيزا لكفاءات الأساتذة، ستشتغل الحكومة على خطة وطنية للرفع من القدرات التكوينية لهيئة التعليم.

وتتجلى أهم ركائز هذه الخطة، يضيف رئيس الحكومة، في خلق تكوين انتقائي ومتجدد للأساتذة، من خلال إحداث كلية التربية لتكوين الأساتذة يكون الولوج إليها على أساس انتقائي، بالموازاة مع تعزيز القدرات التكوينية للبنيات الحالية، خاصة منها المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين لتعزيز جودة التكوين المستمر للأساتذة.

وعلاوة على ذلك، أكد السيد أخنوش أن إعادة الاعتبار لمهنة التدريس تمر بالضرورة عبر تحسين دخل الأستاذ في بداية المسار، ومواكبته طيلة هذا الأخير، وتقييم منتظم لكفاءاته، مشيرا إلى أنه، وفي إطار الحوار الاجتماعي الوطني، تلتزم الحكومة خلال السنة الأولى من ولايتها، بفتح حوار اجتماعي، خاصة مع المركزيات النقابية للتعليم الأكثر تمثيلية من أجل التوافق حول الإجراءات والتدابير الرامية للرفع التدريجي من الحد الأدنى للأجرة الصافية الشهرية عند بداية المسار المهني، لحملة شهادة التأهيل التربوي من المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين.

وأبرز أن الحكومة ستجعل من الاستثمار في الرأسمال البشري أولوية لتمكين القطاعين العام والخاص من الولوج إلى كفاءات تتلاءم واحتياجاتها، حيث سيمكن تجويد التكوين الجامعي من تزويدها بموارد بشرية مؤهلة، قادرة على تلبية متطلبات اقتصاد متنوع وموجه نحو الابتكار، لافتا إلى أنه، وتعزيزا لجاذبية مؤسسات التعليم العالي في الممكلة، ستدشن الحكومة خطة استثمارية تهدف إلى انفتاح أكبر للجامعة على محيطها وتجديد البنيات التحتية الجامعية وخلق ثقافة مركبات جامعية حقيقية.

ومن أجل انفتاح أكبر على عالم المقاولات، يضيف السيد أخنوش، ستعمل الحكومة على تحفيز الاختيار الإرادي لميادين البحث العلمي قصد توجيهه نحو أولويات الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن الحكومة ستحرص كذلك على تطوير المسالك بين عالم المقاولات والتعليم عبر التكوين المهني والمستمر، قصد تيسير إدماج الشباب في سوق الشغل وتلبية حاجيات المقاولات من الكفاءات.

وفي المجال الثقافي، أكد السيد أخنوش أن الحكومة ستعطي الأولوية “لإدماج تراثنا الثقافي في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمواطنات والمواطنين، وتحقيق تنمية واسعة للإنتاج الثقافي واستثمار التعددية الثقافية في مختلف تعابيرها وتوفير شروط تنمية تتيح لبلادنا الانخراط في عالم المعرفة والتواصل”.

وتابع أن الحكومة ستعمل أيضا على العناية بالشباب في إطار برنامج شمولي ومتكامل من خلال إحداث “جواز الشباب” لتسهيل الاندماج والتنقل، والتمكين الثقافي لهذه الفئة، وكذا على إشراك الجماعات الترابية والشركاء الاقتصاديين من أجل تعزيز وتنويع عرض الخدمات المقدمة مع مرور الوقت.

أما في المجال الرياضي، واعتبارا للأدوار المتنامية للرياضة، يضيف السيد أخنوش، فإن الحكومة عازمة على إعطاء الأولوية للنهوض بالرياضة المدرسية والجامعية على المستوى الترابي، ومنح التربية البدنية والرياضية مكانة بارزة في البرامج الدراسية، وبث دينامية حقيقية في الرياضة المدرسية على الصعيد الترابي، من خلال تحفيز الجمعيات الرياضية، وتشجيعها على ممارسة أنشطتها داخل مؤسسات التربية والتعليم والتكوين المهني.

وسجل أنه سيتم العمل كذلك، بشراكة مع مختلف المتدخلين على تقوية حضور المغرب على الساحة الرياضية، جهويا ودوليا، والحث على تنسيق وتكاثف الجهود من أجل تحسين إنجازات الرياضيين المغاربة على الصعيد الجهوي والدولي في مختلف التظاهرات الرياضية الفردية والجماعية.

Loading...