أمانديس تهنئة

الشعب الودود الصابر بلا حدود !!!

للذاكرة و للتاريخ :

ونحن بصدد التطرق لتاريخ الشعب المغربي كشعب كريم وأصيل، شعب حضارة ومقاومة فمنه خرج مفكرين وفلاسفة أفذاذ أمثال:( عبد الله العروي ، محمد عابد الجابري ، المهدي المنجرة ، محمد سبيلا … ) كما أفرز مقاومين أبطال أمثال:( عبد الكريم الخطابي ، موحا أحمو الزياني ، عسو أبسلام، الشريف محمد أمزيان … )، فرحيل هؤلاء المفكرين و المقاومين لا يعني موت أفكارهم وبطولاتهم في وجه الفساد و الاستبداد بل ظل البقاء للأصلح منها للأجيال المتلاحقة: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَآءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) والتاريخ خير دليل يثبت الحق أو ينفيه أنه كان للشعب المغربي قوة لا تغلبها قوة الجيش ولا البوليس و لا الاستخبارات لأنه ببساطة كان يناضل و يقاوم من منطلق تمسكه بقوة الحق لا بحق القوة، فلم يكن المسؤول مقدس لا يجوز المساس به بل مجرد موظف يمارس عمله ويخضع للمحاسبة ولقد مر في تاريخ المغرب نماذج كثيرة من الطغاة والمستبدين و رغم بطشهم الشديد بأبناء هذا الشعب (سنوات الرصاص) لقد كانوا في صمودهم ومقاومتهم عبرة لأولي البصائر الحية فلم يتركوا مجالا للمنظومة الفاسدة للكذب أو التزوير والخداع ولا فرصة للنجاة من نقمة الشعب بل دفعوا تلك المنظومة وفي محطات نضالية كثيرة الى التصالح مع الشعب والاعتذار له وتطبيق اختياراته السياسية والثقافية والقيمية.

النفاق الاجتماعي :

مع العهد الجديد أصبح الشعب المغربي الودود الصابر بلا حدود يتعامل مع الفساد والاستبداد من منطلق الاندفاع العاطفي وتغييب العقل بحيث ترك الواجب المفروض عليه في تقييم أداء حكامه والدور الذي يجب أن يقوم به من أجل الوطن ليتفرغ طوال اليوم أمام حاسوبه أو هاتفه الذكي في مدح أو قدح ذلك المسؤول ومنهم من جعل من منظومة الفساد شماعة يعلق عليها تعاسته التي يعيشها، صحيح أن أزمات البلاد عديدة وكثيرة لكن الخطير فيها هو ظاهرة النفاق المجتمعي التاي صارت منتشرة بكثرة في وسط الشعب المغربي حيث تشمل الكثير من الأفعال كالتصنع والتلون في العلاقات والكذب والخداع وحب الشهرة وطلب المناصب من أجل المصالح الشخصية حيث تحل الأنانية أمام الشعور بالأخرين واحتياجاتهم، هذا ما جعل المجتمع ضعيف ومفكك، على عكس الأجيال السابقة التي تعلمت الصدق والمروءة والإخلاص كانت أجيال قوية ومحبة للوطن تسعى لرفعته وتحسينه وحاربت منظومة الفساد ونبذت كل صفة اجتماعية تمس الوطن بسوء ومنها النفاق الاجتماعي (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخرةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَآءُ)، إنّ شخصية المنافق متآمرة بطبيعتها تظهر غير ما تبطن وتعمل في الظلام وتثير الفتن والدسائس وشخصية المنافق هي شخصية انتهازية لأن المنافق يلعب على حبلين ويحاول أن يرضي فريقين متصارعين للاستفادة منهما معا وهذا الموقف المذبذب للأسف هو الذي اتخذه الشعب ظنا منه أنه سيوصله لمبتغاه مع العلم أن منظومة الفساد لا يوجدها إلاّ شعب ودود صابر بلا حدود يصمت عن مُجاهرتها بسوء أفعالها و دون ردع لها.

المؤسف أن ظاهرة النفاق الاجتماعي أصبحت جزءا من الحياة اليومية في وسط الشعب المغربي يمكننا أن نرصد بعض السمات التي يتسم بها باعتبارها سلبيات يعاني منها حيث تتبلور أبرزها في ضعف وهشاشة حصانته الفكرية والثقافية والسياسية والأخلاقية أمام النفاق بمختلف أشكاله ومظاهره وعلى وجه الخصوص النفاق السياسي، وأمام طابور المنافقين الذي عادة ما يتنامى تعداده وتأثيره في المراحل الحاسمة والظروف الاستثنائية المعقدة التي يكون فيها المجتمع غير متزن ومهيأ بصورة غير عادية لتقبّل ما يبثه المنافقون والدجالون من دعايات كاذبة ومقولات تضليل مريبة وإشاعات لتزييف الحقائق والترويج لثقافة الحقد والكراهية وبث روح اليأس وثقافة الهزيمة وممارسة مختلف أشكال الوقيعة والدس الرخيص وجميعها تهدف إلى تدمير عوامل الثقة و روح المقاومة وتسميم الأجواء وإثارة والفتن والصراعات الداخلية الهامشية بين مكونات المجتمع،

إنما للصبر حدود :

للشعب المغربي الودود الصابر بلا حدود طاقة وقدرة على التحمل فهو يتحمل الأزمات والصعاب التي يواجهها في حياته اليومية ولكن مهما صبر وتحمل من فساد و استبداد المسؤولين وتماديهم فسيأتي الوقت الذي يصرخ فيه وقد يدمر كل شيء بكلمة واحدة فقط فطاقاته أصبحت مهدورة وصبره قد نفد وسيكون جاهزاً للانفجار في أي لحظة، هكذا هي الطبيعة البشرية فلابد لها أن تصرخ حين نفاد طاقتها لأن لديها شيئاً من الداخل يثور لفقدانه عزيمة التحمل والصبر، فتحمل الشعب المغربي وصبره على منظومة الفساد أحياناً قد لا يجدي نفعاً لأن المنظومة تتمادى في أخطائها ولا يهمها مشاعر المواطن فهي تتعامل معه كآلة لها قدرة على تحمل كل شيء حتى أنها تفسر احترام المواطن وصمته بأنه خوف وضعف.

إن الصبر المجاني الذي يغيب عنه الفهم وتنعدم فيه الرؤية وتفتقد العبرة هو صبر البهائم التي تمتثل للكرب فلا تعي منه شيئا إذا نزل ولا تعتبر منه إذ انقشعت سحابته ورحل، ولئن قيل إن للصبر حدودا فإن له أيضا شروطا وهو يطمئن النفوس ويرطب الجوانح إذا اقترن بعاملين هما الثقة والأمل، فالشعب المغربي إذا أريد لصبره أن يكون صحيا وفى الحدود الآمنة فينبغي أن تستعاد له الثقة في الحاضر والأمل في المستقبل أما إن لم يحدث ذلك فإن الأمر سيصبح مغامرة غير مأمونة العاقية، (دوام الحال من المحال، “سريلانكا ” أقرب مثال).

عبد الإله شفيشو / فاس

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Loading...