أكتب رسالتي هذه و في هذا اليوم بالضبط 25 فبراير 2022 ومن مدينة فاس و الذي يصادف تخليد ذكري اغتيال الشهيد للتذكير ب :
1) حلول الذكرى التاسعة والعشرون (29) لاغتيال الطالب اليساري “آيت الجيد بنعيسى” في يوم 25 فبراير 1993 وليستشهد يوم 01 مارس من نفس السنة بمستشفى “الغساني Ghassani ” بفاس،
2) قضية اغتيال الشهيد “آيت الجيد بنعيسى” قد تم إعادة فتح ملفها من جديد و احالتها على محكمة الاستئناف بفاس (الجلسة 16 ستعقد يوم 24 ماي 2022) ومن بين المتهمين أحد القياديين في حزب العدالة والتنمية.
إن بقاء تلك الجرائم السياسية والجنائية والأخلاقية بدون عقاب وإفلات منفذيها والرؤوس المدبّرة لها من قبضة العدالة إلى حدّ الآن من شأنه أن يفتح الأبواب على مصرعيها للقتلة ومحترفي الجرائم السياسية ليغلوا بكل سهولة وحرية في دماء معارضيهم معزّزين بحصانتهم القضائية والبرلمانية والإعلامية والأمنية ، وهذا ما يطرح أيضا على عاتق الطيف اليساري الممانع مهمة التصدي لتلك الخروقات وفضح أصحابها وتحميلهم المسؤولية كاملة حكومة ورئاسة وبرلمان ومعارضة أيضا حتى لا نقول وبعد فوات الأوان : (لقد أكلنا يوم أكل الثور الأبيض ).
رفيقي، مضت تسع وعشرون (29) سنة على اغتيالك ولكن قضيتك لم تمت وأسرار اغتيالك لم تنته وتفاصيل الجريمة التي أودت بحياتك تتوالى فصولا تكشف كل يوم عن جديد تفضح المجرمين القتلة الإرهابيين المنتمين إلى عصابة مغتصبة لتخضعهم للعقاب بدل الثواب و للجزاء بدل المكافأة، فكما كان اغتيالك لعنة عليهم تلاحقهم في كل زمان ومكان أبدية باقية تلاحقهم كشبح و تخنقهم ككابوس و تتوعدهم بمصير أسود و بخاتمة وخيمة وان تعددت أسبابها و اختلفت أشكالها فإنها أيضا لعنة تلاحق كل من تأخر عن كشف تفاصيل الجريمة أو قصر في الملاحقة و التحقيق أو امتنع عن التعاون والملاحقة.
رفيقي ، لا زلت أتذكر أنه في إطار الإعداد للذكرى العشرينية (20) لاغتيالك التأم بمدينة الشاون يوم 02 فبراير 2013 ثلة من رفيقاتك ورفاقك بمعية أفراد من عائلتك للتداول في ما آلت إليه قضية اغتيالك و إحداث نقلة نوعية في معالجتها و كذا استحضار الظرفية الحساسة التي تمر بها سواء محاولة إقبارها من جهة أو توظيفها لحسابات سياسوية ضيقة من جهة أخرى وهم يدركون جسامة المهام الملقاة على عاتقهم و المتمثلة أساسا في ضرورة المساهمة في إجلاء الحقيقة كل الحقيقة المرتبطة بجريمة اغتيالك .
رفيقي ، إن رفيقاتك ورفاقك بمعية أفراد من عائلتك وهم في لقاء الشاون كانوا قد عبروا عن إدانتهم الصارخة لتحالف و تكالب قوى الخيانة و الغدر و الرجعية الموكلين بتصفية كل الشرفاء الذين ينشدون تحقيق مجتمع ديمقراطي وهذا بدعم مكشوف من طرف المخزن المغربي ، كما طالبوا بالكشف عن كل الأيادي الخفية المشاركة في هته الجريمة الشنعاء لمناضل يساري أبلى البلاء الحسن في ترسيخ قيم الممانعة و الحداثة دفاعا منه عن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب و التزاما منه كذلك بخط فصيل الطلبة القاعديين التقدميين .
رفيقي ، إن رفيقاتك ورفاقك بمعية أفراد من عائلتك ووعيا منهم بما تمثله قضيتك من أهمية قصوى تمثل المشترك بين كافة أطراف الخيار الديمقراطي كانوا قد أكدوا في لقاء الشاون على أنك شهيدا للشعب المغربي إلى جانب ضحايا الإرهاب الرجعي و أن قضيتك أصبحت شأنا يوميا و عموميا عن طريق العزم على توفير الشروط الذاتية و الموضوعية لخلق “مؤسسة محمد آيت الجيد بنعيسى” تهتم بقضايا الذاكرة و الهوية .
رفيقي ، ها هي الذكرى التاسعة و العشرون (29) تحل و من بقي من رفيقاتك ورفاقك بمعية أفراد من عائلتك الذين التزموا بما عاهدوك عليه في لقاء الشاون والذي اعتبروه في حينه الإطار المرجعي القابل للتطور لكل تدبير متصل بقضيتك ها هم لازالوا يقومون بإحداث نقلة نوعية في معالجة القضية بما يضمن رد الاعتبار لك و لعائلتك و لهم أيضا عبر تخليد نوعي للذكرى خدمة لقضايا الذاكرة و القيم التي استشهدت من أجلها و في إطار المؤسسة ، كما لازالوا ملتزمين على عدم توظيفها بما يخدم الحسابات السياسية الضيقة لأي طرف كان .
رفيقي ، سأظل أنتظر ممن تبقى من رفيقاتنا ورفاقنا على العهد وما التزموا به في لقاء الشاون و هو القصاص من القتلة الإرهابيين إذ لا عدل لديهم و لا ندم عندهم و لا خير يرجى منهم و لا حق يلتمس فيهم حتى تشفى بذلك الصدور ، ترضى النفوس ، تجف الدموع من العيون ، تنهي الحزن و تلقن القاتل دروسا جديدة و ترغمه على التردد قبل أن يقدم على ارتكاب جريمة جديدة ، و إلى ذلك الحين لنا يا رفيقي لقاء غدا سآتي و لن أخلف الموعد مع رفيقاتنا ورفاقنا الصامدين الممانعين لضمان استمرار متابعة فعالة لقضيتك و إخراجها من طابع الموسمية .
رفيقي ، حتى و إن نالَ الشيبُ مِنَيُ ورغم أني ماضيا صوب الشيخوخة ها أنا أخلد ذكرى اغتيالك استشهادك التاسعة و العشرون (29) بشكل نوعي شاهرا قلمي هذه المرة ليس في وجه من اغتالك بل في وجه رفاقك و رفيقاتك المتخاذلين المسترزقين بقضيتك ممن كنت أعقد العزم عليهم للكشف عن حقيقة اغتيالك صارخا في وجوههم على أنني سأبقى أدافع عن قضيتك وستبقى الممانعة التي سكنت و حركت جوارحي في سويداء قلبي و إن ضعف نبضه، فأنا وممن مازال من رفيقاتنا ورفاقنا الصامدين الممانعين وأفراد عائلتك لن نكفوا عن صنع نصر آخر و آخر ما دمنا أحياء نشحذ الهمم ، نغذي السير ، نرفع الراية ونواصل الطريق حتى الكشف عن الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة.
عبد الإله شفيشو
فاس في 25 فبراير 2022